إيطاليا بطلة العالم
الصليبيين
في واحدة من أروع مباريات المونديال وأكثرها إثارة، تغلب المنتخب الإيطالي على نظيره الفرنسي بركلات الترجيح، ليفوز ببطولة كأس العالم للمرة الرابعة في تاريخه والأولى منذ 24 عاماً، في مباراة شهدت طرد النجم الفرنسي زين الدين زيدان في الشوط الإضافي الأول.
تقدمت فرنسا في الدقيقة السابعة من اللقاء عن طريق زيدان من ركلة جزاء، قبل أن يعادل المدافع ماركو ماتيراتزي النتيجة للإيطاليين في الدقيقة 19 بكرة رأسية رائعة.
وسيطرت فرنسا على معظم مجريات اللقاء خاصة الشوط الثاني ولكنها لم تفلح في هز شباك الحارس الإيطالي المتألق جيجي بوفون، لينتهي الوقتان الأصلي والإضافي بالتعادل بهدف لهدف، ويصل الفريقان لركلات الترجيح التي شهدت فوز الأزوري بنتيجة 5-3 بعد أن سجل كل لاعبيه، وفشل الفرنسي دافيد تريزيغيه في تسجيل الركلة الثانية لفرنسا.
وثأرت إيطاليا بذلك من فرنسا التي أقصتها من ربع نهائي كأس العالم بركلات الترجيح أيضاً، وفي نهائي كأس أمم أوروبا عام 2000 في الوقت الإضافي بهدف تريزيغيه. كما حققت بذلك فوزها الأول بركلات الترجيح في المونديال بعد خروجها بها في ثلاث مناسبات سابقة، فنصف نهائي عام 1990 أمام الأرجنتين ونهائي عام 1994 أمام البرازيل وربع نهائي 1998 أمام فرنسا.
ورغم بدء زيدان أخر مباراة دولية في مسيرته بتسجيله هدف التقدم لفريقه من ركلة جزاء، أصبح بها رابع لاعب يسجل ثلاثة أهداف في المباريات النهائية للمونديال – بعد أن كان قد سجل ثنائية في مرمى البرازيل في نهائي مونديال عام 1998 الذي أحرزته فرنسا – تلقى اللاعب الفرنسي بطاقة حمراء في الوقت الإضافي الأول بعد أن هاجم المدافع الإيطالي ماتيراتزي وضربه بالرأس بشكل عنيف، ليختم مسيرته الكروية بأسوأ ما يمكن.
ويأتي فوز الأزوري في وقت تعاني فيه الكرة الإيطالية من أزمة طاحنة بسبب اتهام عدة أندية كبرى منها اليوفنتوس والميلان بالتلاعب بنتائج المباريات في واحدة من أكبر القضايا الرياضية في تاريخ إيطاليا.
بدأ الفريقان المباراة بقوة، وكادت الجماهير الفرنسية أن تصاب بصدمة في الدقيقة الأولى من اللقاء، عندما أصطدم المهاجم الفرنسي تيري هنري بالمدافع الإيطالي فابيو كانافارو وسقط على الأرض مصاباً، ولكن اللاعب خرج للعلاج ثم عاد للمباراة مرة أخرى.
وحاول الحكم الأرجنتيني هوراسيو أليزوندو السيطرة على المباراة من بدايتها، فأعطى زامبروتا بطاقة صفراء بعد تدخل عنيف على فييرا في الدقيقة الخامسة.
بعدها بدقيقة واحدة تلقى مالودا تمريرة على أطراف المنطقة فتوغل بمهارة قبل أن يعرقله المدافع ماتيراتزي ليهدي الحكم ضربة جزاء لفرنسا.
وانبرى زيدان لركلة الجزاء، وسدد الكرة بطريقة ماكرة على يسار الحارس بوفون، فاصطدمت بالعارضة ثم عبرت خط المرمى قبل أن تخرج مرة أخرى، لكن لحسن حظ الفرنسيين شاهد الحكم الكرة وهي تعبر الخط واحتسب لهم الهدف الأول.
وكاد ماتيراتزي أن يضاعف النتيجة لفرنسا في الدقيقة التاسعة، عندما قابل كرة عرضية من الناحية اليمنى وحولها ناحية مرماه، لكن الكرة مرت بجوار القائم الأيسر لبوفون إلى ضربة ركنية فرنسية. وتلقى المدافع الفرنسي سانيول بطاقة صفراء في الدقيقة 12 بعد أن ارتكب خطأ ضد المدافع الإيطالي غروسو.
وعاني المنتخب الفرنسي طوال شوطي اللقاء من الكرات العرضية الإيطالية بشكل واضح، وكان هدف التعادل للأزوري من إحداها في الدقيقة 19، عندما لعب نجم اللقاء بيرلو كرة عرضية جميلة من ضربة ركنية، قابلها ماتيراتزي برأسية قوية هزت شباك الحارس بارثيز.
وانطلق هنري من منتصف الملعب في الدقيقة 25 ثم أرسل كرة بينية جميلة لريبيري في الجهة اليمنى، الذي لعب كرة عرضية، أبعدها المدافع ماتيراتزي بنجاح.
وعاد هنري مرة أخرى بعدها بثلاث دقائق واخترق الدفاع الإيطالي من الناحية اليسرى، ثم مرر كرة عرضية لمالودا على أطراف منطقة الجزاء، لكن الأخير سدد كرة ضعيفة في يد الحارس بوفون.
وواصلت إيطاليا تهديد مرمى الفرنسيين بالكرات العرضية، وكاد توني أن يسجل الهدف الثاني للأزوري في الدقيقة 36، عندما قابل كرة عرضية من بيرلو وسددها برأسه ناحية مرمى بارثيز، لكن المرة ارتدت من العارضة. رد المدافع الفرنسي غالاس بكرة رأسية بعدها بدقيقة، لكنها مرت بجوار القائم الأيسر لبوفون. وهدأت المباراة مع نهاية الشوط الأول، لينتهي بالتعادل.
فرنسا تسيطر
وشهد الشوط الثاني سيطرة شبه تامة للمنتخب الفرنسي، في المقابل انكمش المنتخب الإيطالي في وسط ملعبه، واخترق هنري الدفاع الإيطالي في الدقيقة الأولى من الشوط، وسدد بقوة لكن الحارس بوفون سيطر على الكرة ببراعة.
بعدها بأربع دقائق، مر هنري ببراعة من ثلاثة لاعبين إيطاليين، ومرر كرة عرضية رائعة أبعدها زامبروتا في الوقت المناسب. وحاول الفرنسيين الحصول على ركلة جزاء في الدقيقة 53، بعد اعتراض زامبروتا لمالودا داخل المنطقة، لكن الحكم طلب استمرار اللعب.
وتعرض المنتخب الفرنسي لضربة قوية في الدقيقة 56، بخروج باتريك فييرا للإصابة ونزل بدلاً منه ألو ديارا. بعدها بأربعة دقائق أجرى المدرب الإيطالي مارتشيلو ليبي تبديلين بإشراك المهاجم فيتشينزو ياكوينتا ودانييلي دي روسي بدلاً من فرانشيسكو توتي وسيموني بيروتا.
وسجل لوكا توني الهدف الثاني لإيطاليا في الدقيقة 62 بضربة رأس قوية، لكن الحكم ألغى الهدف بداعي التسلل. وانتفض المنتخب الفرنسي في النصف ساعة الأخيرة وسيطر على المباراة تماماً لكن الدفاع الإيطالي والحارس بوفون كانوا بالمرصاد لجميع محاولاتهم.
وأنقذ الحارس بوفون مرماه من هدف مؤكد في الدقيقة 63 عندما سيطر ببراعة على تسديدة قوية من اللاعب هنري. وحاول الفرنسيين التسديد من بعد لكن دون جدوى، فمرت تسديدة مالودا القوية في الدقيقة 65 فوق العارضة الإيطالية، ثم تبعتها تسديدة ريبيري في الدقيقة 69 بنفس الطريقة.
وأرسل بيرلو قذيفة بعيدة المدى في الدقيقة 77 من ضربة حرة مباشرة، مرت بجوار القائم الأيمن للحارس بارثيز، وتعرض زيدان لإصابة شديدة في كتفه في الدقيقة 81، لكنه عولج خارج الملعب ثم عاد مرة أخرى للمباراة.
وأجرى المدرب الإيطالي ليبي أخر تبديل له بإشراك أليساندرو ديل بييرو بدلاً من ماورو كامورانيزي في الدقيقة 86. وكانت أخر محاولات فرنسا قبل نهائي اللقاء بثلاث دقائق عندما سدد كلود ماكليلي كرة قوية من خارج المنطقة فوق العارضة الإيطالية. حافظ الفريقان بعدها على النتيجة لينتهي الوقت الأصلي بالتعادل 1-1.
وواصلت فرنسا السيطرة في الوقت الإضافي وكاد ريبيري أن يسجل الهدف الثاني في الدقيقة العاشرة من الوقت الإضافي الأول، لكن تسديدته مرت بجوار القائم الأيمن للحارس بوفون. وأخرج المدرب الفرنسي ريمون دومينيك ريبيري بعد هذه الكرة مباشرة، وأشرك بدلاً منه دافيد تريزيغيه.
بعدها بثلاث دقائق تألق بوفون مرة أخرى ليثبت أنه بالفعل أفضل حراس المونديال عندما تصدى لكرة رأسية صعبة من زين الدين زيدان.
طرد زيدان
وفي الدقيقة الثانية من الوقت الإضافي الثاني أخرج دومينيك اللاعب تيري هنري وأشرك بدلاً منه سيلفيان ويلتورد، ثم شهدت الدقيقة الخامسة منه أسوأ ختام لمسيرة النجم الفرنسي زين الدين زيدان الكروية عندما أستفزه المدافع الإيطالي ماتيراتزي، فعالجه النجم الفرنسي بضربة رأسية قوية في صدره، لينال البطاقة الحمراء للمرة الثانية في تاريخ المونديال (رقم قياسي).
ولم تشهد الدقائق المتبقية من اللقاء أي هجمات تذكر، ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح، وتعتبر هذه هي المباراة النهائية الثانية في تاريخ المونديال التي تحسم بركلات الترجيح بعد نهائي عام 1994 الذي خسرته إيطاليا. كما تعتبر المباراة النهائية الأولى منذ عام 1986 التي يسجل فيها طرفا المباراة النهائية أهدافاً.
وبدأت ركلات الترجيح، فسجل بيرلو ركلة إيطاليا الأولى، وفعل ويلتورد نفس الشيء بفرنسا. ثم سجل ماتيراتزي ركلة إيطاليا الثانية، قبل أن يسدد تريزيغيه ركلة فرنسا الثانية في العارضة ليضع فريقه في موقف حرج.
وسجل دي روسي الركلة الثالثة وديل بييرو الرابعة لإيطاليا، وسجل أبيدال وسانيول ركلات فرنسا المقابلة، حتى جاء الدور على غروسو لتسجيل الركلة الحاسمة للإيطاليين، ونجح اللاعب في ذلك ببراعة، لتخرج إيطاليا فائزة بركلات الترجيح بنتيجة 5-3. لتضيف بذلك إلى سجلاتها اللقب الرابع في بطولة كأس العالم بعد أعوام 1934 و1938 و1982.
يذكر أن قرعة تصفيات بطولة أمم أوروبا القادمة 2008 التي تنظم في سويسرا والنمسا، أوقعت المنتخبين الفرنسي والإيطالي في مجموعة واحدة، وستقام المباراة الأولى بينهم في فرنسا يوم 2/9/2006، بينما ستقام المباراة الثانية في إيطاليا يوم 8/9/2007. وتضم المجموعة الثانية إلى جوارهم كل من أوكرانيا واسكتلندا وجورجيا وليتوانيا وجزر الفارو.
تصريحات ما بعد المباراة
فابيو كانافارو
لقد سألني ابني إذا كان يستطيع أن ينام في سريري مساء اليوم، لكني طلبت منه أن ينتظر إلى الغد لكي ينام إلى جانبي وبيننا الكأس. لقد جاهدنا في سبيل إحراز كأس العالم خصوصا بعد الأحداث التي رافقت الكرة الإيطالية في الأشهر الأخيرة، وكنا في حاجة إلى أن نتوج أبطالاً للعالم. الفوز بركلات الترجيح مؤثر جداً، وأنا سعيد للغاية لأننا كافحنا كثيراً لكي نحرز اللقب واعتقد بأننا نستحق ذلك.
جيجي بوفون
ما حققناه في هذه البطولة حلم طفولة بالنسبة إلي، وقد نجحنا في ذلك بفضل التضامن وروح الفريق وفنيات اللاعبين. كنت واثقا من قدرتنا على الفوز في ركلات الترجيح.
فابيو غروسو
إنه أمر لا يصدق، أنا سعيد للغاية، عندما أتى دوري لتنفيذ ركلة الترجيح كانت اللحظة صعبة علي، لكنني حافظت على تركيزي ونفذتها بدقة.
جينارو غاتوسو
فرحتي لا توصف، انه لحظات لا تنسى على الإطلاق.
المدرب الفرنسي ريمون دومينيك
لقد خاب ظني، ولا يمكنني إلا إن أعرب عن خيبة أملي لأننا إذا احتكمنا إلى مستوى المباراة، فكنا نستحق إحراز اللقب. وحده الانتصار رائع ولم ينقصنا إلا القليل لتحقيقه، كان هدفنا معانقة اللقب، قدمنا أداء رائعا لكن الإيطاليين توجوا أبطالا للعالم. أنا حزين للنهاية التي شهدتها مسيرة زيدان، الأمر محزن، لقد حقق مسيرة رائعة وخاض مونديالاً رائعا.
الرئيس الفرنسي جاك شيراك
أنا سعيد ومتأسف في الوقت ذاته. سعيد بالعروض الرائعة للمنتخب الفرنسي الذي أبان حتى النهاية عن تصرفات رائعة، لكني متأسف لكون المصير، أقول المصير، واعني به الصدفة، لم تكن في صالحه. أنها مسألة تتعلق بالصدفة. أريد أن اعبر لهم عن إعجابي وتقديري لهم.
أتصور جيدا بأنهم حزينون، ليس لديهم أي سبب حقيقي للحزن. لديهم كل الأسباب لكي يكونوا فخورين بما قدموه ويجب أن يكونوا فخورين بأنفسهم
أرقام وإحصاءات
أرقام وإحصاءات المباراة تظهر تفوق المنتخب الفرنسي في معظم النواحي الهجومية مثل التصويب على المرمى والكرات العرضية والتمريرات الإيجابية التي أدت لهجمات خطرة على المرمى الإيطالي, وذلك على الرغم من أن المنتخب الإيطالي كان الأكثر استحواذا على الكرة في المباراة .