زيدان يتحدث بعد 6 أشهر من الاعتزال: أفضل تصفية حساباتي وجهاً لوجه وليس عبر الصحف ..
زيدان يتحدث بعد 6 أشهر من الاعتزال: أفضل تصفية حساباتي وجهاً لوجه وليس عبر الصحف ..
صرح زيدان فور حصول كانافارو على المركز الاول “كانافارو استحق اللقب بجدارة وأعتقد ان جميع الحاضرين هنا يستحقون جائزة ما، وكان بالامكان وجود لاعبين عوضا عنا لنيل هذا التكريم”. بعدها سأل عريف الحفل الهولندي رود جوليت زيدان
بلطف: “ما هي أحلى ذكريات حياتك الكروية؟” بما معناه “أليست نطحتك لماتيراتزي أجملها؟” طأطأ زيدان رأسه وابتسم فيما حبس الحاضرون أنفاسهم لسماع الرد الذي لم يحصلوا عليه في آخر الامر فضحكوا غير أن الصحافيين الايطاليين لم يشف غليلهم هذا الهروب الدبلوماسي وسألوه: “لماذا لم تقبل دعوة ماتيراتزي لمنزله؟” أجاب زيزو: “لا أقوم عادة بزيارة الاشخاص الذين لا تربطني بهم علاقة”. وقد جاء هجوم الصحافة عليه بالاسئلة لأنه امتنع عن عقد مؤتمر صحافي قبيل الحفل وحرص طيلة اقامته في فندق “حياة” على تجنب الصحافيين الفضوليين مكتفيا بركن في المطعم مع زوجته ولوبويس مصمم موقعه الالكتروني ومصوره ايللو، غير أن لفرانس فوتبول مكانة خاصة لدى الاسطورة الكروية لذا لم يجد غضاضة في اجراء حوار تميز بالشفافية والصراحة ومزيد من الحرية خارج ملاعب كرة القدم جاء فيه:
زين الدين زيدان في زيوريخ، آخر خروج من عالم الرياضة الرفيع؟
- هذه هي الحقيقة: عالم الرياضة الرفيع، بالمقابل أتمنى حضور مثل هذه المناسبات الراقية على ألا أكون أنا شخصيا موضع التكريم أو تكريم مسيرتي الكروية بشكل عام كما حدث مؤخرا. وعلى أية حال تبقى أمسية ال18 من ديسمبر/كانون الاول 2006 ذكرى جميلة بحد ذاتها وهي الاخيرة بعد حصولي على لقب أفضل لاعب في العالم في كأس العالم ولا شك أن الجائزة مكافأة مجزية لمتقاعد رغم أن عام 2006 لم يكن جميلا في الذاكرة.
-حصلت كذلك على المركز الخامس في جائزة فوتبول فرانس الذهبية وكل ذلك حدث في ثلاثة أسابيع.
- فلنقل انه كان شهرا ناجحا في ألمانيا رغم ما حدث فيه. وعندما ألقيت نظرة على الماضي أدركت أني أعطيت الكرة كل حياتي ولم أبخل بشيء منها عليها وارتكبت بالمقابل العديد من الاخطاء لاني ببساطة لست سوى انسان غير أني آمل أن أكون قد جعلت كرة القدم أكثر جمالا.
لكن كان بإمكانك الحصول على جوائز أكثر لو أنك لم..
- يجب على الانسان ألا يعيش في فلك كلمة ( لو) ونحن لاعبي الكرة أكثر الناس واقعية عند النتائج ونتقبلها بروح رياضية مهما كانت واليوم لم أعد أفكر في الاحتمالات لان كل شيء أصبح من الماضي وستة أشهر كافية لطي صفحته.
وهل شاهدت تسجيل المباراة أمام ايطاليا في النهائي مرة أخرى؟
- شاهدت مقتطفات منها وليس المباراة بأكملها.
ولا شيء غير ذلك؟
- أجل لاني اؤمن بمبدأ الاحتفاظ بالذكريات الجميلة في ذاكرة الانسان وابعاد ما سواها. وان كنت تقصد تذكر ما فعلته في الملعب (يقصد نطحته لماتيراتزي) فلا أريد تذكر الحادثة لاني لست راضياً تماما عن نفسي فيها.
وكيف هو تصورك اليوم لتجربة كأس عالم ألمانيا بشكل عام؟
- أرى منتخبا فرنسيا نجح في الوصول الى المباراة النهائية رغم أن لا أحد كان ليراهن عليه بمن فيهم نحن اللاعبين في بداية المنافسات اذ لم نكن نعلم الى أي مدى ستأخذنا أقدامنا وكان لدى الجمهور الفرنسي نفس الشعور لذلك عشنا تجربة استثنائية واكتشفنا شيئا فشيئا أن مستوى لياقتنا يتحسن وأن أداءنا يتطور في كل مباراة وبدا كل شيء ممكنا وكانت الفاتحة فوزنا في أول مباراة أمام توجو(2- صفر) حيث أحس الجميع بالثقة وبدأ اللاعبون القدامى نسيان الذكريات الاليمة لكأس عالم 2002 في آسيا ويورو 2004 في البرتغال. وبعد الفوز على اسبانيا شعر الفريق أن تحقيق الحلم بات ممكنا وأن أي فريق مهما كان من السهل التغلب عليه بهذه الارادة.
بعد مباراة توجو تم تعليقك عن اللعب، هل شعرت بالخشية من أن تكون تلك مباراة اعتزالك؟
- شعرت بالخوف قليلا لكني سرعان ما تذكرت ايقافي عن اللعب في كأس عالم 1998 وصعود فرنسا للمباراة النهائية ثم سألت نفسي واذا لم نتأهل هل ستكون تلك مباراة اعتزالي.
وعندما عدت للعب كنت شارد الذهن وناقماً بعض الشيء؟
- هذا صحيح لاني شعرت بالغضب من الكثيرين وواجبي تجاه حماية الفريق جعلني لا أعرف طعم الفرح مع المسؤولية. من جهة أخرى كانت الصحافة تنتقد وتهاجم ونحن معتادون على النقد لكن أن تصدر تصريحات من بعض الشخصيات لتنال من انجازاتنا فهذا ما لا أقبله شخصيا ولا يقبله الفريق.
وهل هناك أسماء معينة؟
- هل سمعت في يوم ما أن زيدان يذكر شخصا بعينه في اساءة؟ هذا ليس من شيمي والجميع يعرف من صرح ومن قال والذين لم يلمسوا الكرة يوما ليدلوا بدلوهم فيها. قابلت أحدهم قبل فترة وأفهمته خطأه وأرجو أن أقابل الباقين لانال منهم فأنا لطيف ووديع عندما يتحتم علي ذلك غير أني أعرف كيف أكون قاسيا مع من يتبجح بتحليل المباريات ويهاجم اللاعبين ثم يتملق عندما يراني. على الانسان أن يدافع عن آرائه ان كان مؤمنا بها ولا يبيع الكلام لمجرد الكلام علاوة على اني لا أحب تصفية حساباتي من خلال الصحف بل أفضل حلها وجها لوجه.
ومن هؤلاء اللاعبون القدامى الذين أصبحوا مستشارين؟
- أجل مثل مارسيل ديسايي وآخرين غيره. شعرت بالغضب كثيرا منه لانه لاعب ويدرك جيدا صعوبة الامر وكان عليه مساندتنا في تلك الفترة عوضا عن انتقادنا.
وهل أسهمت تلك الانتقادات في اعطائك دفعة لتقديم المزيد؟
- كلا، فلم أكن بحاجة لتلك الانتقادات كي أقدم أفضل ما لدي وكان هذا أيضا شعور باقي اللاعبين.
وما الصورة التي تحتفظ بها في ذاكرتك عن مونديال ألمانيا؟
- الفرحة في نهاية كل مباراة لفرنسا باستثناء المباراة النهائية. أذكر عندما هزمنا البرازيل تحولنا الى أطفال في غرفة الملابس ورقصت على الطاولة.لقد تقاسمنا حقا شعورا رائعا وهذا هو سر جمال اللعبة وأكثر ما أفتقده بعد الاعتزال.
شاهدنا في الحفل مقاطع من المباراة النهائية وعلى الاخص صد بوفون لضربتك الرأسية، فهل غيرت تلك اللحظة مسار المباراة؟
- بالطبع، لكني لا أندم على ضياع الفرصة لان هذا هو حال كرة القدم وحال الحياة أيضا. عندما ضربت الكرة تلك كانت ستعانق الشباك مئة بالمئة غير أن التقاط بوفون لها غير مجريات المباراة.
وهل تشعر بالندم على قرار الاعتزال بعد ستة أشهر؟
- أنا سعيد حاليا وحققت كل ما أصبو اليه وعندما أشاهد مبارياتي على الفيديو أشعر بالرضا عن أدائي وأقول أني لن ألعب مجددا أبدا.
لكن فابيان بارتيز عدل عن قراره والتحق بنانت؟
- بارتيز لم يشأ أبدا التوقف واستمر في تدريباته، على العكس مني فأنا رغبت بشدة في الاعتزال وانقطعت تماما عن التمرينات وزاد وزني ولم يبق لي الا اللعب مع أصدقائي.
هل عادت عليك الرحلة الى الجزائر بفائدة ما؟
- سعدت بالزيارة كثيرا لكنها كانت متعبة لي جسديا لاني أمضيت الايام الخمسة كلها متنقلا في القطارات من بلدة لاخرى. ولو عاد الأمر لي لقضيت الاجازة مثل والدي: النوم في أحضان بلدتي الصغيرة والاكل على الارض مثلما فعل أبي غير أن تهافت الناس علي واضطراري للسير برفقة خمسين من الحراس الشخصيين على مدار الساعة وكانت أمي يصيبها الخوف من الجنود الذين يفرقون الجموع الحاشدة لكنني كنت أدرك أنهم جميعا يتمنون لي الخير وكانت لدي الرغبة في إسعادهم بعض الشيء.
وبنجلاديش قبل الجزائر؟
- كانت رحلة ذات معنى مغاير.
ألم تشعر أنك كنت مثل الشطيرة بين فكي الحشود البنغالية؟
- بالتأكيد لا، فشركة دانون هي الراعية لي حتى عام 2014 وكانت الرحلة خدمة لها في افتتاح معمل لها لا يبحث عن الربح بل عن توفير لقمة عيش للفقراء وهذه الفكرة بحد ذاتها تروق لي علاوة على التقائي بالفائز بجائزة نوبل (محمد يونس) الذي أسس للقروض الصغيرة منذ أربعين عاما لمساعدة الفقراء ذوي المهن البسيطة واذا كان هذا مفهوم الرجل الشطيرة فأنا أرحب به. رحلات كهذه طورتني ثقافيا وعلمتني كثيرا وما زلت في بداية المشوار وسوف يكون هناك العديد من الاشخاص الذين سأتشرف بلقائهم مستقبلا.
وهذه هي حياتك الجديدة؟
- هذه في الواقع الحياة التي بانتظاري ويجب علي التأقلم مع نمطها وعندما أقول هذا فانه لا يعني بأي حال من الاحوال أن أكون شخصيا الفلك الذي تدور حوله الاعمال الخيرية. وقد سمعت البعض يشبهني بالام تيريزا أو الاب بيير وهذا محض هراء ولست أتشبه بأحد فكل ما أفعله هو ادخال بعض الفرحة في قلوب المعدمين فيما قامت الام تيريزا والاب بيير بتكريس حياتهما كلها لهذا الهدف النبيل. أما زيارتي للجزائر فهي أكثر خصوصية وتقع أيضا ضمن اطار المساعدات التي قدمتها مؤسسة فرنسا للمتضررين من زلزال عام 2003.
المصدر