عودة' السادة' المحترفين!!
شيكا بالا
كرة القدم في مصر.. استثناء لما يحدث في الدنيا كلها.. والنماذج والامثلة كثيرة ومتعددة! في غير بلدنا يذهب اللاعب للاحتراف في الخارج, فينساه الكل في وطنه, مكتفين بمتابعة نجاحاته.. وانتظاره حتي يعود في نهاية الرحلة بعد سنوات طوال!
وفي مصر.. تبقي الحكاية غريبة وطريفة ومختلفة,عندنا.. تصرخ الناس من أجل فتح الابواب أمام اللاعبين لكي يرحلوا للخارج.. وتظل الصحافة والاعلام يناديان بألا تغالي الاندية في مطالبها المادية لتسهيل خروج لاعبيها بما يخدم مصر في النهاية.. وعندما يحدث وينجح لاعب من اللاعبين- بين دهر ودهر- في الحصول علي' فرصة احترافية', يهلل الجميع فرحين مستبشرين وكأننا أحرزنا كأس العالم, وهو حلم.. الخيال أقرب منه, وهذا كله مقبول وطبيعي ومنطقي ولامشكلة فيه, المأساة في الموضوع_ حقا- مايحدث بعد هذا, فما هي الا أسابيع, أوأشهر علي الاكثر, حتي تتناثر- هنا وهناك- أخبار عن احتمالات عودة اللاعب الي مصر وأنه يفكر في انهاء تجربته الاحترافية, ثم تبدأ هذه الاخبار في الظهور بشكل دائم وشبه يومي, فقد بدأت- بالفعل- مفاوضات بين النادي, الذي يلعب له بالفعل, وبين ناديه الاصلي في مصر, ومعه عدد أخر من المنافسين, وهذا هو الجانب المثير في الحكاية.. ففي الوقت الذي نري فيه تلك الضرورة والاهمية لاحتراف اللاعب المصري في الخارج, لانجد أدني مشكلة أن ننسي, ونتجاهل هذا فجأة, وكأننا لسنا من كان ينادي_ أ
مس- بشيء مختلف تماما!!
وتابعوا معي كم الاسماء, التي يجري الترتيب لعودتها في هذه الايام تحديدا, أحمد بلال من تركيا, ومحمود عبد الرازق'شيكابالا' من اليونان, وحسني عبد ربه من فرنسا.. ثلاثة مرة واحدة, وهو ليس-فقط- عدد كبير يكفي لأن يصنع ظاهرة, ولكنه- أيضا- كم ضخم وهائل بالقياس الي عدد من يلعبون باسم مصر في الخارج, ولايزيد بأي حال عن عشرة لاعبين, وكم من الاسماء سارت علي نفس الدرب, وحدث أن عادت في السنوات الاخيرة دون أن تكتمل التجربة, والامثلة كثيرة.. والاسباب معروفة حتي وان حاول البعض ادعاء عدم المعرفة أوالفهم!
وقبل أن أتوقف أمام الاسباب, لابد من التوقف عند تاريخ مصر مع الاحتراف, وهو تاريخ يمتد الي مايزيد علي تسعين عاما, حين سافر حسين حجازي الي انجلترا للدراسة في جامعة لندن, ولعب لنادي فولهام الانجليزي, وكان أول أجنبي يلعب لمنتخب انجلترا عام1912, وقد صادف حسين حجازي شيء من سوء الحظ عندما عاد الي مصر في أجازة, ونشبت الحرب العالمية الاولي فتعذر عليه العودة.. وانتهت تجربته وتجربة مصر الاولي علي الاطلاق.
ومنذ تجربة حسين حجازي مع نادي فولهام, كانت هناك تجارب أخري للاعبين مصريين, و شهدت السنوات العشرين الاخيرة أكبر مواسم الهجرة الي الملاعب الاوروبية, ورغم هذا لم يكن العدد كبيرا كما يتصور البعض, وهو لم يتجاوز الخمسين علي امتداد تاريخ مصر الكروي علي الاطلاق.. وهو عدد مضحك وهزيل قياسا بما تملك دول أفريقية أخري من محترفين في الخارج, وعلي سبيل المثال.. لنيجيريا ضعف هذا العدد في ملاعب اوروبا في العام الاخير فقط ولايحتاج الرقم لتعليق!!
عودة السادة المحترفين ترجع الي أسباب أساسية..أولا: وجود فوارق فنية لاتتيح تحمل أعباء التجربة ومشقتها.. وشتان مابين الدوري المصري وأي دوري أخر, ثانيا: ليس هناك استعداد مبدئي للتكيف مع الحياة في مجتمع مختلف, وهنا تظهر حكاية الغربة وعدم التعود علي نمط أخر من المعيشة وماشابه, وطبيعي أن تكون هناك معاناة لان برامج التدريب في مصر قاصرة ومتخلفة ولاتهتم الابما يخص القدم فقط!
ثالثا: تعاني الكرة في مصر من قاعدة هزيلة لايتجاوز فيها عدد من ****سون اللعبة لثمانية الاف لاعب, وعندما يسافرلاعب الي الخارج لابد أن يترك فراغا, ويظل مكانه شاغرا حتي يعود.. وقد يصل الامر الي أن ندفع من أجل عودته مايزيد عن ماحصلنا عليه عند سفره.. تري: ماذا تسمون هذا ؟ وماذا تسمون هؤلاء؟.. ذكاء.. وعباقرة.. اليس كذلك؟!