ما الجديد
ستار دي في بي | StarDVB

أهلاً وسهلاً بك من جديد في ستار دي في بي StarDVB. تم في الاونة الاخيرة تطوير وتخصيص الموقع ليشمل IPTV و SMART TV بشكل أوسع من السابق. إذا كنت مسجل سابقا يمكنك الدخول باسم المستخدم السابق نفسه، وإن كنت غير مسجل مسبقاً، يمكنك التسجيل الان. نرحب بمشاركاتك واقتراحاتك في أي وقت، نتمنى لك وقتاً ممتعاً معنا.

شروط الحج

taba

ستار جديد
إن الشريعة الإسلامية جاءت من لَدُن حكيم خبير، لا يُشرع منها إلا ما كان مُوافقاً للحكمة، ومطابقاً للعدل، لذلك كانت الواجبات والفرائض لا تلزم الخلق إلا بشروط مرعية يلزم وجودها حتى يكون فرضها واقعاً موقعه.

فمن ذلك فريضة الحج لا تكون فرضاً على العباد إلا بشروط :

الشرط الأول : أن يكون مسلماً، بمعنى أن الكافر لا يجب عليه الحج قبل الإسلام، وإنما نأمره بالإسلام أولاً، ثم بعد ذلك نأمره بفرائض الإسلام، لأن الشرائع لا تُقبل إلا بالإسلام، قال الله تعالى : {وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـتُهُمْ إِلاَ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلَوةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـرِهُونَ مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَـتُهُمْ إِلاَ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ الصَّلَوةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَى وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَـرِهُونَ}.

الشرط الثاني : العقل، فالمجنون لا يجب عليه الحج ولا يصح منه لأن الحج لا بد فيه من نية وقصد، ولا يمكن وجود ذلك من المجنون.

الشرط الثالث : البلوغ، ويحصل البلوغ في الذكور بواحد من أمور ثلاثة :

1 ـ الإنزال، أي إنزال المني لقوله تعالى : {وَإِذَا بَلَغَ الاٌّطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ ءَايَـتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} ، وقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «غُسل الجمعة واجب على كل محتلم» متفق عليه.

2 ـ نباتُ شعر العانة، وهو الشعر الخشن يَنبت حول القُبل لقول عطية القرظي رضي الله عنه. عُرضنا على النبي صلى الله عليه وسلّم يوم قُريظة، فمن كان محتلماً أو أَنبتَ عانته قُتِل ومَنْ لا تُرِك.

3 ـ تمام خمس عشرة سنة، لقول عبدالله بن عمر رضي الله عنهما، عُرضت على النبي صلى الله عليه وسلّم يوم أُحد وأنا ابن أربعَ عشرة سنةٌ فلم يُجزني. زاد البيهقي وابن حبان : ولم يَرَني بلغتُ، وعُرضت عليه يوم الخندق وأنا ابن خمس عشرة سنة فأجازني. وفي رواية للبيهقي وابن حبان : ورآني بلغت. قال نافع : فَقدِمتُ على عمر بن عبدالعزيز وهو خليفة فحدّثته الحديث، فقال : (إن هذا الحد بين الصغير والكبير، وكتب لعماله أن يفرضوا ـ يعني من العطاء ـ لمن بلغ خمس عشرة سنة). رواه البخاري.

4 ـ ويحصل البلوغ في الإناث بما يحصل به البلوغ في الذكور، وزيادة أمر رابع، وهو الحيضُ، فمتى حاضت فقد بلغت وإن لم تبلغ عشر سنين. فلا يجب الحج على من دون البلوغ لصغر سنه، وعدم تحمُّله أعباء الواجب غالباً، ولقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «رُفع القلم عن ثلاثة؛ عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يَكبُر، وعن المجنون حتى يفيق». رواه أحمد وأبو داود والنسائي وصححه الحاكم.

لكن يصح الحج من الصغير الذي لم يبلغ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلّم لقي رَكباً بالروحاء ـ اسم موضع ـ فقال : «من القوم ؟» قالوا : المسلمون. فقالوا : من أنت ؟ قال : «رسول الله»، فرفعت إليه امرأة صبياً فقالت : ألهذا حج ؟ قال : «نعم ولكِ أجر» رواه مسلم. وإذا أثبت النبي صلى الله عليه وسلّم للصبي حجاً ثبت جميع مقتضيات هذا الحج فليُجنَّب جميع ما يجتنبه المُحرم الكبير من محظورات الإحرام، إلا أن عمدَه خطأٌ، فإذا فعل شيئاً من محظورات الإحرام فلا فدية عليه ولا على وليِّه.

الشرط الرابع : الحرية، فلا يجب الحج على مملوك لعدم استطاعته. الشرط الخامس : الاستطاعة بالمال والبدن، بأن يكونَ عنده مال يتمكن به من الحج ذهاباً وإياباً ونفقة، ويكون هذا المال فاضلاً عن قضاء الديون والنفقات الواجبة عليه، وفاضلاً عن الحوائج التي يحتاجها من المطعم والمشرب والملبس والمنكح والمسكن ومتعلقاته وما يحتاج إليه من مركوب وكُتبِ علمٍ وغيرها، لقوله تعالى : {وَللَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَـعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِىٌّ عَنِ الْعَـلَمِينَ} .

ومن الاستطاعة أن يكون للمرأة مَحْرَمٌ، فلا يجب أداء الحج على من لا محرم لها لامتناع السفر عليها شرعاً، إذ لا يجوز للمرأة أن تسافر للحج ولا غيره بدون محرم، سواء أكان السفر طويلاً أم قصيراً، وسواء أكان معها نساء أم لا، وسواء كانت شابة جميلة أم عجوزاً شوهاء، وسواء في طائرة أم غيرها لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلّم يخطب يقول : «لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم»، فقام رجلٌ فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجت حاجة، وإني اكتتبت في غزوة كذا وكذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم : «انطلق فحج مع امرأتك». ولم يستفصله النبي صلى الله عليه وسلّم هل كان معها نساء أم لا ؟ ولا هل كانت شابة جميلة أم لا ؟ ولا هل كانت آمنةً أم لا ؟ والحكمة في منع المرأة من السفر بدون محرم صونُ المرأة عن الشر والفساد، وحمايتها من أهل الفجور والفسق؛ فإن المرأة قاصرةٌ في عقلها وتفكيرها والدفاع عن نفسها، وهي مطمعُ الرجال، فربما تُخدع أو تُقهر، فكان من الحكمة أن تُمنع من السفر بدون محرم يُحافظ عليها ويصونها؛ ولذلك يُشترط أن يكون المَحرَم بالغاً عاقلاً، فلا يكفي المحرم الصغير أو المعتوه.

والمَحرَمُ زوج المرأة، وكل ذَكرٍ تَحرمُ عليه تحريماً مؤبداً بقرابةٍ أو رضاع أو مصاهرة. فالمحارم من القرابة سبعة :

1 ـ الأصول؛ وهم الاباء والأجداد وإن علوا، سواء من قِبَلِ الأب أو من قِبَلِ الأم.

2 ـ الفروع؛ وهم الأبناء وأبناء الأبناء وأبناء البنات وإن نزلوا.

3 ـ الإخوة؛ سواءٌ كانوا إخوةً أشقاء أم لأب أم لأم.

4 ـ الأعمام؛ سواء كانوا أعماماً أشقاء أم لأب أو لأم، وسواء كانوا أعماماً للمرأة أو لأحدٍ من آبائها أو أمهاتها،فإن عم الإنسان عمٌّ له ولذريته مهما نزلوا.

5 ـ الأخوال سواء كانوا أخوالاً أشقاء أم لأب أم لأم، وسواء كانوا أخوالاً للمرأة أو لأحدٍ من آبائها أو أُمهاتها، فإن خال الإنسان خالٌ له ولذريته مهما نزلوا.

6 ـ أبناء الإخوة وأبناء أبنائهم وأبناء بناتهم وإن نزلوا، سواءٌ كانوا أشقاء أم لأب أم لأم.

7 ـ أبناء الأخوات وأبناء أبنائهن وأبناء بناتهن وإن نزلوا، سواءٌ كُنّ شقيقات أم لأب أم لأم. والمحارم من الرضاع نظير المحارم من النسب، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «يحرمَ من الرضاع ما يَحرمُ من النسب». متفق عليه.

والمحارم بالمصاهرة أربعة :

1 ـ أبناء زوج المرأة وأبناء أبنائه وأبناء بناته وإن نزلوا.

2 ـ آباء زوج المرأة وأجداده من قِبَل الأب أو من قِبَل الأم وإن عَلَوا.

3 ـ أزواج بنات المرأة وأزواج بنات أبنائها وأزواج بنات بناتها وإن نزلن. وهذه الأنواع الثلاثة تثبت المحرمية فيهم بمجرد العقد الصحيح على الزوجة، وإن فارقها قبل الخلوةِ والدخولِ.

4 ـ أزواج أمهات المرأة وأزواج جداتها وإن علوا، سواء من قِبَل الأب أو من قِبَل الأم، لكن لا تثبت المحرمية في هؤلاء إلا بالوطء، وهو الجماع في نكاح صحيح، فلو تزوج امرأةً ثم فارقها قبل الجماعِ لم يكن مَحرماً لبناتها وإن نزلن. فإن لم يكن الإنسان مستطيعاً بماله فلا حج عليه، وإن كان مستطيعاً بماله عاجزاً ببدنه؛ نظرنا. فإن كان عجزاً يُرجى زواله كمرض يُرجى أن يزول، انتظر حتى يزول، ثم يُؤدي الحج بنفسه. وإن كان عجزا لا يُرجى زواله، كالكبر والمرض المُزمن الذي لا يُرجى برؤه، فإنه يُنيب عنه من يقوم بأداء الفريضة عنه لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن امرأة من خثعم قالت : يا رسول الله إن أبي أدركته فريضةُ الله في الحج شيخاً كبيراً لا يستطيع أن يستوي على ظهر بعيره، قال : «حجي عنه» رواه الجماعة.

هذه شروط الحج التي لا بد من توافرها لوجوبه. واعتبارها مطابقٌ للحكمة والرحمة والعدل {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} .


محمد بن صالح العثيمين
 

taba

ستار جديد
الواجبات في الحج

الواجبات في الحج قسمان :

قسمٌ لا يصحُّ الحجُّ بدونها، وقسمٌ يصح الحج بدونها.

فالتي لا يصح بدونها تُسمى الأركان، وهي :

1 ـ الإحرام وهو نية الدخول في الحج لقول الرسول صلى الله عليه وسلّم: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى»، ووقته من دخول شهر شوال لقول الله تعالى : {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَـتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يأُوْلِي الأَلْبَـبِ}، وأول هذه الأشهر شوال، وآخرها آخر ذي الحجة.

وأمكنة الأحرام المُعينة خمسة وهي :

. ذو الحليفة ( وتسمى أبيار علي ) لأهل المدينة.

. الجحفة ( وهي قرية قرب رابغ ) وقد خَربت، فجعل الإحرام من ( رابغ ) بدلاً عنها لأهل الشام.

. يلملم ( وهو جبل أو مكان في طريق اليمن إلى مكة ) لأهل اليمن، وتُسمى ( السعدية ).

. قرن المنازل ( ويسمى السيل ) لأهل نجد. . وذات عرق ( وتسمى الضريبة ) لأهل العراق.

من مر بهذه المواقيت فهي ميقات له وإن لم يكن من أهلها.

2 ـ الوقوف بعرفة لقول الله تعالى : {فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَـتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَـتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ}، ولقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «الحج عرفة، من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك». ووقته من زوال الشمس من اليوم التاسع من ذي الحجة إلى طلوع الفجر من اليوم العاشر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم وقف بعد زوال الشمس وقال : «من جاء ليلة جمع قبل طلوع الفجر فقد أدرك».

وقيل : يبتدىء وقته من طلوع الفجر من اليوم التاسع، ومكانه عرفة كلها لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «وقفت ههنا وعرفة كلها موقف».

3 ـ الطواف بالبيت لقوله تعالى : {وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، ولأن النبي صلى الله عليه وسلّم قال حين أخبر بأن صفية حاضتَ : «أحابستنا هي ؟» فقالوا : يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الإفاضة ! قال : «فلتنفر إذن»، فقوله : أحابستنا هي ؟ دليلٌ على أن طواف الإفاضة لا بد منه وإلا لَمَا كان سبباً لحبسهم، ولهذا لما أُخبر بأنها طافت طواف الإفاضة رخص لها في الخروج.

ووقته بعد الوقوفِ بعرفة ومزدلفة لقوله تعالى : {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}، ولا يكون قضاء التفث ووفاء النذور إلا بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة.

4 ـ السعي بين الصفا والمروة لقوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ}، ولقول ابن عباس رضي الله عنهما : ثم أَمرنا ـ يعني رسول الله صلى الله عليه وسلّم ـ عشية التروية أن نُهل بالحج، فإذا فَرَغنا من المناسك جِئنا فَطُفنا بالبيت وبالصفا والمروة، وقد تم حجنا. وقال النبي صلى الله عليه وسلّم لعائشة رضي الله عنها : «يجزىء عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك». وقالت عائشة رضي الله عنها : ما أتم الله حج امرىء ولا عُمرته لم يطف بين الصفا والمروة.

ووقته للمتمتع بعد الوقوف بعرفة ومزدلفة وطواف الإفاضة، فإن قدّمه عليه فلا حرج، لا سيما إن كان ناسياً أو جاهلاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم سأله رجلٌ : سعيت قبل أن أطوف ؟ قال : «لا حرج».

وأما القارن والمفرد فلهما السعي بعد طواف القدوم. فهذه الأربعة :

الإحرامُ، والوقوف بعرفة، وطواف الإفاضة، والسعي بين الصفا والمروة لا يصح الحج بدونها.

وأما الواجبات التي يصح الحج بدونها فتسمى اصطلاحاً بـ ( الواجبات ) وهي :

1 ـ أن يكون الإحرام من الميقات المُعتبر شرعاً، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «يُهل أهل المدينة من ذي الحليفة...» إلى آخر الحديث. وهو خَبَرٌ بمعنى الأمر، بدليل الرواية الثانية عن ابن عمر رضي الله عنهما حين سُئل : من أين يجوز أن أعتمر ؟ قال : فرضها رسول الله صلى الله عليه وسلّم لأهل نجد قرناً... إلى آخره. والروايتان في (البخاري) عن ابن عمر رضي الله عنهما.

2 ـ استمرار الوقوف بعرفة إلى غروب الشمس يوم التاسع من ذي الحجة، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم وقف إلى الغروب وقال : «لتأخذوا عني مناسككم»، ولأن في الدفع قبل الغروب مشابهة لأهل الجاهلية، فإنهم كانوا يَدفعون قبل غروب الشمس.

3 ـ المبيت بمزدلفة ليلة عيد النحر، لقوله تعالى : {فَإِذَآ أَفَضْتُم مِّنْ عَرَفَـتٍ فَاذْكُرُواْ اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِن كُنتُمْ مِّن قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّآلِّينَ}، ووقته إلى صلاة الفجر، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم لعروة بن مضرس رضي الله عنه : «من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه».

ويجوز الدفع في آخر الليل إلى منى للضعفة من النساء والصبيان ممن يشق عليهم زحام الناس ليرموا الجمرة قبل وصول الناس إلى منى؛ لأن ابن عمر رضي الله عنهما كان يُقدّم ضعفة أهله فمنهم من يَقدُم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يَقدُم بعد ذلك، فإذا قَدمُوا رَموا الجمرة، وكان يقول : أَرْخَصَ في أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلّم. وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ( تنتظر حتى يغيب القمر ثم ترتحل إلى منى فترمي الجمرة، ثم ترجع فتصلي الصبح في منزلها، وتقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلّم أذن للظُعُنِ ) أخرجهما البخاري في (صحيحه). ومزدلفة كلها موقف، ويجب على الحاج أن يتأكد من حدودها لئلا ينزل خارجاً عنها.

4 ـ رمي جمرة العقبة يوم العيد، ورمي الجمرتين الأُخريين معها في أيام التشريق في أوقاتها، لقوله تعالى : {وَاذْكُرُواْ اللَّهَ فِى أَيَّامٍ مَّعْدُودَتٍ فَمَن تَعَجَّلَ فِى يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}. والأيام المعدودات : أيام التشريق. ورمي الجمار من ذكر الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «إنما جُعل الطواف بالبيت، وبالصفا والمروة، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله».

5 ـ الحلق أو التقصير للرجال، والتقصير فقط للنساء، لقول النبي صلى الله عليه وسلّم : «ليس على النساء الحلق، إنما على النساء التقصير».

6 ـ المبيت بمنى ليلتين، ليلة إحدى عشرة وليلة اثنتي عشرة لمن تعجل، فإن تأخر فليلةَ ثلاثَ عشرة أيضاً، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم بات بها، وقال : «لتأخذوا عني مناسككم». وروى ابن عمر رضي الله عنهما أن العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه استأذن من النبي صلى الله عليه وسلّم أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل سقايته فأذن له. وفي لفظ : فرخص له. والتعبير بالرخصة دليل على وجوب المبيت لغير عذر.

فهذه الأمور الستة واجبة في الحج، لكن الحج يصح بدونها. وفي تركها عند الجمهور من العلماء فدية شاة أو سُبع بدنة أو سُبع بقرة تُذبح في مكة وتُعطى فقراء أهلها، والله أعلم.

فأما طواف الوداع فهو واجب على كل من خرج من الحجاج من مكة إلى بلده، لقول ابن عباس رضي الله عنهما : «أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خُفف عن الحائض». وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه طاف بالبيت حين خُروجه من مكة في حَجة الوداع.
 

جريح القدس

ستار جديد
شكر لك اخي taba
بارك الله فيك
و جزاك الله خيرا
d1fbddbf5d.gif
 
أعلى