ليس بين شكر الله لعباده وشكر العباد له إلاّ مــادة الكلمة ,
وأمــا الكم والكيف فشيء آخر يليق به عزّ وجــل وكرمه الواسع ,ورحمته البالغة التي وسعت كل شيء ,
وهناك ثمة فروق بين شكر الله وشكر المخلوق , يمكن بيانها في الآتي :
* أن الله عزّ وجــل يشكر العبد على إحسانه لنفسه , والمخـلوق إنما يشكر من أحســن إليه ...
* شكر الخـالق عزّ وجـل موصوف بالكمال المطلق الذي لا يتطرق إليه النقص بحال , وأما شكر المخلوق فهـو نــاقـص, ونسبي , ومـعـرّض للزوال ...
* شكر المخلوق لا يكون غــالباً إلاّ مقابل نعمةٍ أو منفعـة ٍ مسداة , وأمّــا شكر الخالق عـزّ وجــل فلا يلزم أن يكون مـقـابل طــاعـة ظهرت من العبد بل قـد يـتـخـلف ذلك , فيكون الشكر من الله هـبـةٌ منه على عبده وهذا من كمال حكمته وعدله سبحانه ...
* المخلوق ينتفع بشكر الشاكر له , فـأما شكر العبد لخالقه فإنـه لا تعود على الله عائدته , ولذلك قال عـزّ وجـل : " وَمـَـن شَــكَـرَ فإِنّـمـا يَشْـكُـرُ لِـنَـفـسِـه "
وإنما يعود على العبد فهو المستفيد المحتاج في الدنيا نعماً وفي الآخــرةِ ثوابها وجزاء شكرها . وهـكـذا الكفر فلا يرجع على الله أثره , فالله غني بذاته محمود بذاته , لا بحمد الناس وشكرهم على عطاياه , ولذلك قال عزّ وجــل : " وَقَــالَ مُــوسى إِن تَـكـفُـروا أَنْـتُمْ ومن فِي الأرضِ جمِـيـعاً فإنّ الله َلـغَـنِـيٌّ حَــمِـيدٌ " .
أي : إن تكفروا نعمته أنتم وجميع الخلق ولم تشكروها " فَـإِنّ اللهَ " سبحانه وتعالى " لَـغَـنِيٌ " عن شكركم , ولا يحتاج إليه , ولا يلحقه بذلك نقص " حَـمِــيد" أي : مستوجب للحمد بذاته , لكثرةِ إنعامه , وإن لم تشكروه أو يحمدهُ غيركم من الملائكة .
وقال ابن القيم رحمه الله : ( وإنـعام الرب عـزّ وجــلّ على عبده إحـسان إلـيـه , وتفـضلٌ عليه , ومجـرّد امتنان , لا لحاجـة منه إليه , ولا لمعاوضة , ولا لاستعانة به , ولا ليكثر به من قلة , ولا ليتعزز به من ذلةٍ , ولا ليقوى به من ضعف, سبحانهُ وبحمده , وأمـره بالشكر أيضـاً إنـعـام آخــر عليه , وإحــسان منه إليه , إذ منفعة الشكر ترجعُ إلى العبد دنيا وأخـرى , لا إلى الله , والعبد هو الذي ينتفعُ بشكره , كما قال تعالى : " وَمَـنْ شَــكَـرَ فَــإِنّـمـا يَشْــكُـرُ لِـنَـفـسِـه " , فشكر العبد إحسانٌ منه إلى نفسه دنيا وأخرى ؛ لأنه إنما أحسنَ إلى نفسِـهِ بالشـكر , لا أنه مكافيء به لنعم الرب ...
فلا يستطيع أحــدٌ أبدً أن يكافيء الله تعالى على نعمه ولا أقـلّــها , ولا أدنى نعمةٍ من نعمه , فإنه تعالى هو المنعم المتـفضّــل , الخالق للشكر والشاكر , وما يُـشـكـرُ عليه , فلا يستطيع أحــدٌ أن يحصي ثناءً عليه, فإنه هـو المحسنُ إلى عبده بنعمه , وأحــسن إليه بأن أوزعه شكرها , فشكرهُ نعمةٌ من الله أنعم بها عليه , تحتاجُ إلى شـكْــرٍ آخــر , وهــلــم جـــرا...
ومن تمام نعمته سبحانه , وعظيم بره وكرمه , أنه ينعم عليك ثم يوزعك شكر النعمة , ويرضى عنك , ثمّ يعيد إليك منفـعـةَ شكرك , ويجعله سبباً لتوالي نعمه , واتصالهـا إليك , والزيادةُ على ذلك منها )...
م ن ق و ل
__________________
وأمــا الكم والكيف فشيء آخر يليق به عزّ وجــل وكرمه الواسع ,ورحمته البالغة التي وسعت كل شيء ,
وهناك ثمة فروق بين شكر الله وشكر المخلوق , يمكن بيانها في الآتي :
* أن الله عزّ وجــل يشكر العبد على إحسانه لنفسه , والمخـلوق إنما يشكر من أحســن إليه ...
* شكر الخـالق عزّ وجـل موصوف بالكمال المطلق الذي لا يتطرق إليه النقص بحال , وأما شكر المخلوق فهـو نــاقـص, ونسبي , ومـعـرّض للزوال ...
* شكر المخلوق لا يكون غــالباً إلاّ مقابل نعمةٍ أو منفعـة ٍ مسداة , وأمّــا شكر الخالق عـزّ وجــل فلا يلزم أن يكون مـقـابل طــاعـة ظهرت من العبد بل قـد يـتـخـلف ذلك , فيكون الشكر من الله هـبـةٌ منه على عبده وهذا من كمال حكمته وعدله سبحانه ...
* المخلوق ينتفع بشكر الشاكر له , فـأما شكر العبد لخالقه فإنـه لا تعود على الله عائدته , ولذلك قال عـزّ وجـل : " وَمـَـن شَــكَـرَ فإِنّـمـا يَشْـكُـرُ لِـنَـفـسِـه "
وإنما يعود على العبد فهو المستفيد المحتاج في الدنيا نعماً وفي الآخــرةِ ثوابها وجزاء شكرها . وهـكـذا الكفر فلا يرجع على الله أثره , فالله غني بذاته محمود بذاته , لا بحمد الناس وشكرهم على عطاياه , ولذلك قال عزّ وجــل : " وَقَــالَ مُــوسى إِن تَـكـفُـروا أَنْـتُمْ ومن فِي الأرضِ جمِـيـعاً فإنّ الله َلـغَـنِـيٌّ حَــمِـيدٌ " .
أي : إن تكفروا نعمته أنتم وجميع الخلق ولم تشكروها " فَـإِنّ اللهَ " سبحانه وتعالى " لَـغَـنِيٌ " عن شكركم , ولا يحتاج إليه , ولا يلحقه بذلك نقص " حَـمِــيد" أي : مستوجب للحمد بذاته , لكثرةِ إنعامه , وإن لم تشكروه أو يحمدهُ غيركم من الملائكة .
وقال ابن القيم رحمه الله : ( وإنـعام الرب عـزّ وجــلّ على عبده إحـسان إلـيـه , وتفـضلٌ عليه , ومجـرّد امتنان , لا لحاجـة منه إليه , ولا لمعاوضة , ولا لاستعانة به , ولا ليكثر به من قلة , ولا ليتعزز به من ذلةٍ , ولا ليقوى به من ضعف, سبحانهُ وبحمده , وأمـره بالشكر أيضـاً إنـعـام آخــر عليه , وإحــسان منه إليه , إذ منفعة الشكر ترجعُ إلى العبد دنيا وأخـرى , لا إلى الله , والعبد هو الذي ينتفعُ بشكره , كما قال تعالى : " وَمَـنْ شَــكَـرَ فَــإِنّـمـا يَشْــكُـرُ لِـنَـفـسِـه " , فشكر العبد إحسانٌ منه إلى نفسه دنيا وأخرى ؛ لأنه إنما أحسنَ إلى نفسِـهِ بالشـكر , لا أنه مكافيء به لنعم الرب ...
فلا يستطيع أحــدٌ أبدً أن يكافيء الله تعالى على نعمه ولا أقـلّــها , ولا أدنى نعمةٍ من نعمه , فإنه تعالى هو المنعم المتـفضّــل , الخالق للشكر والشاكر , وما يُـشـكـرُ عليه , فلا يستطيع أحــدٌ أن يحصي ثناءً عليه, فإنه هـو المحسنُ إلى عبده بنعمه , وأحــسن إليه بأن أوزعه شكرها , فشكرهُ نعمةٌ من الله أنعم بها عليه , تحتاجُ إلى شـكْــرٍ آخــر , وهــلــم جـــرا...
ومن تمام نعمته سبحانه , وعظيم بره وكرمه , أنه ينعم عليك ثم يوزعك شكر النعمة , ويرضى عنك , ثمّ يعيد إليك منفـعـةَ شكرك , ويجعله سبباً لتوالي نعمه , واتصالهـا إليك , والزيادةُ على ذلك منها )...
م ن ق و ل
__________________