الحرب العالمية :
في عام 1915 كان
بيتر سترازر
قائدا لسرب المناطيد الألمانية والتي حلقت في سماء لندن ونفذت أول قصف بالقنابل على المدنيين في بريطانيا
" نحن الذين ضربنا العدو في صميم قلبه أتهمنا بأننا قاتلو الأطفال و النساء ، إن ما فعلناه كريه ولكنه ضروري .. ضروري جدا ،لا يستطيع الجندي أن
يقوم بشيء بدون العامل والمزارع وكافة الممولين الذين يدعمونه والآن لا يوجد عدو لا يريد القتال " .
تركيا :
في الخامس والعشرين من نيسان أبريل من عام 1915 حطت قوة برمائية بريطانية وفرنسية وأسترالية ونيوزيلندية قوامها ثمانية آلاف جندي على شواطئ شبه جزيرة غاليبولي وكان
القائد العسكري الإنجليزي
لان هاملتون (على يمين الصورة )
يراقب المشهد المكشوف .
وكان سكان المنطقة يحرسون مدخل مضيق الدردنيل ،فقبل أربعة أسابيع أخفقت البحرية البريطانية في اختراق المضيق والوصول إلى الحليفة روسيا .....
والآن جاء دور الحرب .
كانت غاليبولي ذات شواطئ قليلة وهضبات معلقة ومرتفعات هرمية .
تألفت القوة البرمائية الأولى من ثمانية آلاف جندي نزل على الشواطئ وبدأت أعداد الأتراك بالانسحاب وواجههم
اللواء مصطفى كمال
الذي أصبح فيما بعد أتتورك للبلاد .
" قلت للرجال الذين كانوا يفرون لا يمكنكم الهرب من العدو قالوا ليس لدينا ذخيرة ،صحت بهم إذا لم تكن لديكم ذخيرة فلديكم حرابكم ،وجعلتهم
يثبتون حرابهم وينبطحون أرضا ، قلت لهم أنا لا آمركم بالقتال ولكن آمركم بالموت "
وتشبثت جحافل الأتراك بالأرض تاركين فرصة لوصول الإمدادات .
" أدركوا أنهم قد يموتون في غضون ثلاث دقائق ولكن لم يكن الخوف عليهم ولم يكن ثمة ارتجاف فأولئك الذين كانوا يستطيعون القراءة هيئوا أنفسهم
لدخول الجنة والقرآن بأيديهم ،أما الأميون فقد رددوا صلاة الشهيد وهم يتقدمون "
وبالاستيلاء على المرتفعات أوقع الأتراك البريطانيين في كمين بين التلال والبحر وأمر هاملتون رجاله بالتمسك بالشواطئ الضيقة .
" لقد تجاوزتم المهمة الصعبة و الآن عليكم أن تحفروا .. وتحفروا حتى تكونوا في مأمن "
تحولت غاليبولي من انتصار مقدر إلى مأزق آخر ، كانت الخنادق قريبة وكان الإنجليز يسمعون الأتراك وهم يغنون .
كتب أحد الجنود الألزاس واصفا الحرب بين الطرفين يقول :" اعتاد الأتراك عند انقضاضهم أن يصيحوا الله الله وكان أبنائنا يردون عليهم قائلين تعالوا أيها
الأنغال لنعطيكم اللهكم ، وأخيرا أصبح الأتراك متشوقين لمعرفة فيما إذا كانت كلمة أنغال تخص أحد آلهتنا ... "
استغرقت الحرب ثمانية أشهر ونصف ، ولم يكن الأتراك يقاتلون من أجل الوطن فحسب بل كانوا يقاتلون بسبب إيمانهم وأنهم يريدون الجنة .
أدرك هاملتون أنه ولاحتلال المرتفعات يجب تزويده بالمزيد من الرجال والعتاد وكانت هذه الحملة ذات تخطيط سيئ ونقص في القوات .
" حثني مكتب الحرب أن أزج بجنودي الشجعان مرة أخرى ضد الرشاشات والمعاقل المحصنة ،..أن أفعل ذلك بدون اكتراث وبدون أن أطلب التغطية التي
تعطي الهجوم قفزة نوعية ، ..أناس كانوا يخبرون طلبي للحماية ومع ذلك كانوا يستمرون في حثنا وكأننا نجول في الصفوف الخلفية ".
تمسك الحلفاء بالشواطئ من الخريف وحتى الشتاء وفي تشرين الثاني نوفمبر ألقى
نظرة بنفسه واستنتج أن حملة غاليبولي كانت ضياعاً.
وفي كانون الأول ديسمبر من عام 1915 بدأ الحلفاء بإخلاء الجزيرة مخلفين ربع مليون رجل بين قتيل وجريح ومفقود وكانت مشاركة الألزاس في هذه
الحرب دليلا على أن الحرب قد أعطيت بعدا جديدا لتتحول لنوع جديد من الحروب ألا وهو [ الحرب العالمية ] .
لم يكن دخول تركيا للحرب كما دخول الدول الأخرى في وسط الحرب الذي جاء ليرجح كفتي الميزان عند اعتدالهما بل كان دخولها بعد اندلاع الحرب
في أوروبا بوقت قصير نسبيا ، فقد كانت تركيا أول الدول المحايدة التي تدخل الحرب ففي الثاني من آب أغسطس من عام 1914 كانت الحكومة التركية
التي كان يسيطر عليها أنور باشا
قد عقدت مع ألمانيا معاهدة تحالف سرية ضد روسيا وفي الحادي عشر كانت قد سمحت للطرادين الألمانيين جوين وبرسلاو اللذان تعقبهما الأسطول
الإنجليزي بعبور مضيق الدردنيل الذي ظل مغلقا في وجه الملاحة البحرية الإنجليزية منذ السادس والعشرين من سبتمبر أيلول سواء التجارية أو العسكرية
الخاصة بإيصال الإمدادات العسكرية الخاصة بالحليفة روسيا وكان تردد الحكومة التركية في دخول الحرب واضحا فرغم أنها كانت قد ارتبطت بعلاقات قوية
مع بريطانيا عندما قامت الأخيرة بحماية مصالح تركيا ضد الأطماع الروسية إلا أن الوضع قد تغير الآن فلكي تحافظ بريطانيا على التحالف في الحرب كان
يجب أن تترك روسيا تعمل ولم تكن روسيا مستعدة على العكس من بريطانيا لإعطاء أي ضمانات للأتراك بشأن ما يخص الأنضول وذلك لأطماعها في
الحصول على ما كانت تسميه ممر للمياه الحرة ، ومن جهة أخرى لم تكن الحكومة التركية لتخشى أي أطماع ألمانية تهدد سيادتها ، ولم يقم الحلفاء بأي عمل
من شأنه أن يستثمر تردد تركيا ولكن بعد الهزيمة الروسية في تانينبيرغ اضطرت الحكومة الروسية للخضوع للمطالب الإنجليزية تجاه تركيا ، ولكن الموقف
تغير بالنسبة لتركيا إذ أن الانتصارات الساحقة للألمان على كلتا الجبهتين دفعت بالحكومة التركية لتجاهل مطالب الحلفاء بالإبقاء على حيادها ، ثم جاء
التردد مرة أخرى بعد نتائج معركة المارن وتقهقر الجيش النمساوي في غاليسيا ، لكن أنور باشا وفي الأول من نوفمبر تشرين الثاني من عام 1915 قطع
ذلك التردد من زملائه ووضعهم أمام الأمر الواقع وبالاتفاق مع البعثة الألمانية فضربت أوديسيا و سيباستبول الروسيتان بالأسطول التركي والذي كان فيه
الطرادين الألمانيين السابقي الذكر هما السفينتين الرئيسيتين فيه والذين أصبحا الآن تحت العلم العثماني .
- بحلول عام 1915 لم تبقى عائلة في أوروبا إلا ولها ولد في المعركة مخلفين ورائهم آلاف النساء التي أصبحت كل لحظة من حياتهم تنذر بأنباء سيئة .
أفريقيا :
لم تكن القوة البشرية في أوروبا لتشبع شراهة الحرب للدماء ففي الصحف المحلية صوت الإمبراطورية يطالب الحشود الأفريقية لخدمة العلم : " الحرب الحالية
هي الحرب العالمية ، فمن دونكم لا يستطيع رفاقكم البيض إحراز النصر "
وكانت خدمة العلم للأفارقة فرصة لإيجاد أنفسهم في المجتمع الأوروبي المتحضر ، عشرات الآلاف من الأفارقة رحلو إلى أوروبا بعضهم عمل شغيلا وبعضهم
على الجبهة وكانوا من كل الأجناس : بولس ،كارنكو ، بالونكس ، برباراس ، سيبوفاس ، كيسي ، تومز و بيريس ، أربكت الجيوش الأفريقية الأوامر بحفر
الخنادق وكانوا مذهولين من هذه الحرب والطريقة التي يدير بها هؤلاء البيض حروبهم هذه الحرب التي وحسب تفكير الأفارقة كانت بلا معنى ولا مكاسب
فالذي فهموه أن هذه الحرب لا تدار بشرف .
كان
كامارا
أحد الجنود المتطوعين في الجيش الإنجليزي في فرنسا
" في حرب الرجل الأبيض أنت لا تقل أبدا أنا عطشان ،.. أنت لا تقل أبدا أنا جائع ،.. أنت تقاتل وتقاتل حتى يقول لك قلبك أنك خائف "
-لم يكن هناك أرقام عن الأفارقة ولكن يقال أن ربع مليون قتلوا أو فقدوا ، ولم يلقى السود التقدير الذي كانوا يحلمون به من حكامهم الإمبرياليين .
" كنا سودا ولم نكن شيئا وبسبب لوننا ألقى علينا الألمان أحذيتهم .. لقد أهانونا " .
عندما أقول أن الحرب أصبحت عالمية فهذا يعني حقا أنها أصبحت عالمية :
بينما اقتيد الرجال للحرب على الجبهات اقتيدت النساء إلى العمل وقد تبدل جنس العمال لكل الدول المشاركة في الحرب ، ولم تكن هناك صناعة أهم من
الصناعات الحربية ، تحول عشرات الآلاف من النساء إلى مصانع الأسلحة والذخائر ،
وكانت هذه الأماكن شديدة الخطورة من جهة المواد السامة الداخلة في التصنيع الحربي فقد كانت ستة عشر إلى ثمانية عشر إصابة في اليوم البعض قد يصبح
أعمى والبعض منهن قد يموت .
الخطر الرئيسي كان يتمثل في سموم الـ TNT ، عدة نساء قد متن منه ، أولى أعراض الإصابة بالـ TNT تشبه إلى حد كبير أعراض الإصابة بالرشح
من كثرة العطس والصداع وكان الطبيب في المعمل ينظر إليهن ويقول : " نصفكن أيتها الفتيات لن يكون لهن أطفال و النصف الآخر مريضات جدا كان
الله في عونكن " .
لم تستعمل مصانع ولوتش في بريطانيا أي نساء قبل الحرب وفي عام 1917 كان أربعة وعشرون ألفا من النساء يعملن في المصنع أي قرابة ثلاث وسبعين
بالمائة من القوة العمالية من النساء ، وكن يدركن أنهن إن لم يزودن رجالهن بالذخيرة والقذائف فإنهم سيخسرون الحرب .
وكان الخطر المحدق بهؤلاء النسوة هو تهديد المناطيد الألمانية التي كانت هذه المصانع الهدف الرئيسي لها كما سبق .
كانت قواعد الالتحام في الحرب قد تغيرت على الجبهة تغيرا آخر بعد حرب الخنادق ففي نيسان إبريل عام 1915 كشف الألمان النقاب عن سلاح جديد ،
إنه الغاز السام ،
أطلقت الغازات السامة ، غاز الكلور الأصفر وغاز الكلور الأخضر وتبعه غاز الخردل الذي يعتبر السلف الأول للنابالم وكانت لها آثار وخيمة على رجال
الخنادق فهي لم تخترق الدفاعات ولكن أثرت على الجنود صحيا ونفسيا .
كان الملازم الأول
ولفرد أون
أحد الجنود الإنجليز في الخامسة والعشرين من عمره وقد كون هو والملازم الأول
سيغفريد ساسون
ما سمي فيما بعد بأدب الحرب ، شهد ويلفرد أون وفاة أحد الجنود بالغاز السام وفي واحدة من أكثر قصائده شهرة لحظ هذا البعد الآخر للحرب الشاملة .
" غاز غاز أسرعوا يا أولاد ذهول أعمى يناسب الخوذ الخرقاء ولكن أحد ما كان ما زال يزعق و يتعثر ويتخبط كرجل في النار أو في الكلس .. ظلمة من
خلال قطع زجاج ضبابية وضوء أخضر كثيف كما في قاع بحر أخضر .. في كل كوابيسي أمام نظري الضعيف غطس إلي يغرغر ويختنق ويغرق ..
إذا استطعت أنت أيضا في أثناء حلم ضبابي أن تعدو خاف العربة التي رميناه فيها وأن تلحظ العينين المبيضتين تتلويان في وجهه
وجهه المتدلي كشيطان مليئ بالخطيئة
إذا استطعت أن تسمع في كل رجفة فرقعة الدم الفاسد في الرئتين الموبوئتين
فاحش كالسرطان
لاذع كمضغة القذارة
قرحة لا تبلى على ألسنة بريئة
يا صديقي لن تستطيع أن تنشد بتلك المتعة الكبيرة لأولاد تواقين لمجد يائس تلك الكذبة القديمة :
" بحلاوة وعذوبة يكون الموت من أجل أرض الأجداد "
لكي تجعل من الحرب شاملة أو عالمية عليك نبذ الأفكار الحربية السابقة في القرن التاسع عشر فالطريقة التي تهزم بها عدوك تكون بشن الحرب على أرض
الوطن وقتل المدنيين سواء بسواء مع الجنود على الجبهة لذا وفي عام 1915 أعلن الألمان أن السفن التي تسافر إلى موانئ الحلفاء معرضة لخطر الإغراق دونما
سابق إنذار والمسافرون أيضا هم أهداف حيوية في البحر .
في مساء السادس من أيار مايو تلقى ربان السفينة لويزيانا إنذارا من القوات الألمانية على ساحل أيرلندا ، وقد كانت لويزيانا أكبر وأجمل سفينة في ذلك
الوقت وكان يملكها مواطنون عاديون من بلاد محايدة بعيدة ألا وهي أميركا ، ضربت السفينة وغرق ألف ومائتا رجل وامرأة وطفل .
كل واحد أصبح مهددا بالخطر وكغيرهم أصبح الأولاد عرضة لخطر الحرب الشاملة كذلك كانوا قد تعرضوا للقتل والقذف بالقنابل .
وبسبب الدعاية والإعلام تعلم الأولاد من أغنيتهم الشهيرة [ بيت جاك ] الكراهية للألمان :
" هذا البيت الذي بناه جاك *
هذه القنبلة التي وقعت على البيت الذي بناه جاك *
هذا الجندي الألماني الذي رمى القنبلة على البيت الذي بناه جاك *
هذه البندقية التي قتلت الجندي الألماني الذي رمى القنبلة على البيت الذي بناه جاك ..... " .
وكذلك ومن مجلتهم الشهيرة ليتل فولكس تعلم الأطفال أشعارا تدعو لكراهية الألمان .
وكان لهوليوود دور رئيسي من خلال أفلامها الدعائية كان لها الدور الرئيس في حشد همم الرجال نفسيا من أجل الحرب .
** بعد ساعات قلائل من الإنزال الإنجليزي على غالي بولي بدأت أولى عمليات الإبادة العرقية الجماعية في القرن العشرين ، فقد شكل المجتمع الأرميني المسيحي في
تركيا والذي كان مجتمعا مزدهرا وغنيا وذا علاقات مع روسيا شكل قلقا على الإمبراطورية العثمانية
جمع أولاً قادة الأرمن وأعدموا ، ثم اقتيدت مجموعات بأكملها إلى الصحراء لتموت .
كان
آرمن فاغنر
طبيبا شاب في الجيش الألماني وكان آن ذاك في تركيا
تجاهل الأوامر وهرب الكاميرا إلى معسكر التجميع وهناك التقط أبشع الصور للإبادة الجماعية التي لم تكن تمت للإسلام بصلة .
" في الأيام القليلة الماضية إلتقطت صورا عدة على الرغم من عقوبة الإعدام...فلم أشك لحظة واحدة من أنني أرتكب قضية خيانة فحالات الجوع والموت والمرض واليأس نادتني من كل جانب ....
كنت محاصرا بالخوف وأسرعت خارج المعسكر وقلبي يكاد يتوقف وأصبت بدوار وكأن الأرض كانت تطبق على كلا جانبي لتأخذني إلى الهاوية .
في المستقبل كتب آرمن فاغنر رسالة إلى
أدولف هتلر
مترافعا ومدافعا عن اليهود .. وكانت دعوة سقطت في آذان صماء ذلك أن هتلر كان قد تعلم درسا مخالفا تماما وأخبر هتلر دائرته الداخلية :
" من يتذكر اليوم المذابح الأرمينية "
في عام 1915 كان
![180px-Strasser.jpg](http://content.answers.com/main/content/wp/en/thumb/b/be/180px-Strasser.jpg)
بيتر سترازر
قائدا لسرب المناطيد الألمانية والتي حلقت في سماء لندن ونفذت أول قصف بالقنابل على المدنيين في بريطانيا
![FAI-zeppelin.jpg](http://www.noorderlicht.com/ckv/images/fotos/Nazar/Princessehof/FAI-zeppelin.jpg)
" نحن الذين ضربنا العدو في صميم قلبه أتهمنا بأننا قاتلو الأطفال و النساء ، إن ما فعلناه كريه ولكنه ضروري .. ضروري جدا ،لا يستطيع الجندي أن
يقوم بشيء بدون العامل والمزارع وكافة الممولين الذين يدعمونه والآن لا يوجد عدو لا يريد القتال " .
تركيا :
في الخامس والعشرين من نيسان أبريل من عام 1915 حطت قوة برمائية بريطانية وفرنسية وأسترالية ونيوزيلندية قوامها ثمانية آلاف جندي على شواطئ شبه جزيرة غاليبولي وكان
القائد العسكري الإنجليزي
![0,1886,2463887,00.gif](http://www.zdf.de/ZDFde/img/15/0,1886,2463887,00.gif)
لان هاملتون (على يمين الصورة )
يراقب المشهد المكشوف .
![gallipoli.jpg](http://info.wlu.ca/~wwwmsds/hi186/gallipoli.jpg)
وكان سكان المنطقة يحرسون مدخل مضيق الدردنيل ،فقبل أربعة أسابيع أخفقت البحرية البريطانية في اختراق المضيق والوصول إلى الحليفة روسيا .....
والآن جاء دور الحرب .
كانت غاليبولي ذات شواطئ قليلة وهضبات معلقة ومرتفعات هرمية .
تألفت القوة البرمائية الأولى من ثمانية آلاف جندي نزل على الشواطئ وبدأت أعداد الأتراك بالانسحاب وواجههم
![kemal.jpg](http://www.greatwar.nl/downunder/kemal.jpg)
اللواء مصطفى كمال
الذي أصبح فيما بعد أتتورك للبلاد .
" قلت للرجال الذين كانوا يفرون لا يمكنكم الهرب من العدو قالوا ليس لدينا ذخيرة ،صحت بهم إذا لم تكن لديكم ذخيرة فلديكم حرابكم ،وجعلتهم
يثبتون حرابهم وينبطحون أرضا ، قلت لهم أنا لا آمركم بالقتال ولكن آمركم بالموت "
وتشبثت جحافل الأتراك بالأرض تاركين فرصة لوصول الإمدادات .
" أدركوا أنهم قد يموتون في غضون ثلاث دقائق ولكن لم يكن الخوف عليهم ولم يكن ثمة ارتجاف فأولئك الذين كانوا يستطيعون القراءة هيئوا أنفسهم
لدخول الجنة والقرآن بأيديهم ،أما الأميون فقد رددوا صلاة الشهيد وهم يتقدمون "
وبالاستيلاء على المرتفعات أوقع الأتراك البريطانيين في كمين بين التلال والبحر وأمر هاملتون رجاله بالتمسك بالشواطئ الضيقة .
![hamiltondinghy.jpg](http://www.firstworldwar.com/battles/graphics/hamiltondinghy.jpg)
" لقد تجاوزتم المهمة الصعبة و الآن عليكم أن تحفروا .. وتحفروا حتى تكونوا في مأمن "
تحولت غاليبولي من انتصار مقدر إلى مأزق آخر ، كانت الخنادق قريبة وكان الإنجليز يسمعون الأتراك وهم يغنون .
كتب أحد الجنود الألزاس واصفا الحرب بين الطرفين يقول :" اعتاد الأتراك عند انقضاضهم أن يصيحوا الله الله وكان أبنائنا يردون عليهم قائلين تعالوا أيها
الأنغال لنعطيكم اللهكم ، وأخيرا أصبح الأتراك متشوقين لمعرفة فيما إذا كانت كلمة أنغال تخص أحد آلهتنا ... "
استغرقت الحرب ثمانية أشهر ونصف ، ولم يكن الأتراك يقاتلون من أجل الوطن فحسب بل كانوا يقاتلون بسبب إيمانهم وأنهم يريدون الجنة .
أدرك هاملتون أنه ولاحتلال المرتفعات يجب تزويده بالمزيد من الرجال والعتاد وكانت هذه الحملة ذات تخطيط سيئ ونقص في القوات .
" حثني مكتب الحرب أن أزج بجنودي الشجعان مرة أخرى ضد الرشاشات والمعاقل المحصنة ،..أن أفعل ذلك بدون اكتراث وبدون أن أطلب التغطية التي
تعطي الهجوم قفزة نوعية ، ..أناس كانوا يخبرون طلبي للحماية ومع ذلك كانوا يستمرون في حثنا وكأننا نجول في الصفوف الخلفية ".
تمسك الحلفاء بالشواطئ من الخريف وحتى الشتاء وفي تشرين الثاني نوفمبر ألقى
نظرة بنفسه واستنتج أن حملة غاليبولي كانت ضياعاً.
وفي كانون الأول ديسمبر من عام 1915 بدأ الحلفاء بإخلاء الجزيرة مخلفين ربع مليون رجل بين قتيل وجريح ومفقود وكانت مشاركة الألزاس في هذه
الحرب دليلا على أن الحرب قد أعطيت بعدا جديدا لتتحول لنوع جديد من الحروب ألا وهو [ الحرب العالمية ] .
لم يكن دخول تركيا للحرب كما دخول الدول الأخرى في وسط الحرب الذي جاء ليرجح كفتي الميزان عند اعتدالهما بل كان دخولها بعد اندلاع الحرب
في أوروبا بوقت قصير نسبيا ، فقد كانت تركيا أول الدول المحايدة التي تدخل الحرب ففي الثاني من آب أغسطس من عام 1914 كانت الحكومة التركية
التي كان يسيطر عليها أنور باشا
قد عقدت مع ألمانيا معاهدة تحالف سرية ضد روسيا وفي الحادي عشر كانت قد سمحت للطرادين الألمانيين جوين وبرسلاو اللذان تعقبهما الأسطول
الإنجليزي بعبور مضيق الدردنيل الذي ظل مغلقا في وجه الملاحة البحرية الإنجليزية منذ السادس والعشرين من سبتمبر أيلول سواء التجارية أو العسكرية
الخاصة بإيصال الإمدادات العسكرية الخاصة بالحليفة روسيا وكان تردد الحكومة التركية في دخول الحرب واضحا فرغم أنها كانت قد ارتبطت بعلاقات قوية
مع بريطانيا عندما قامت الأخيرة بحماية مصالح تركيا ضد الأطماع الروسية إلا أن الوضع قد تغير الآن فلكي تحافظ بريطانيا على التحالف في الحرب كان
يجب أن تترك روسيا تعمل ولم تكن روسيا مستعدة على العكس من بريطانيا لإعطاء أي ضمانات للأتراك بشأن ما يخص الأنضول وذلك لأطماعها في
الحصول على ما كانت تسميه ممر للمياه الحرة ، ومن جهة أخرى لم تكن الحكومة التركية لتخشى أي أطماع ألمانية تهدد سيادتها ، ولم يقم الحلفاء بأي عمل
من شأنه أن يستثمر تردد تركيا ولكن بعد الهزيمة الروسية في تانينبيرغ اضطرت الحكومة الروسية للخضوع للمطالب الإنجليزية تجاه تركيا ، ولكن الموقف
تغير بالنسبة لتركيا إذ أن الانتصارات الساحقة للألمان على كلتا الجبهتين دفعت بالحكومة التركية لتجاهل مطالب الحلفاء بالإبقاء على حيادها ، ثم جاء
التردد مرة أخرى بعد نتائج معركة المارن وتقهقر الجيش النمساوي في غاليسيا ، لكن أنور باشا وفي الأول من نوفمبر تشرين الثاني من عام 1915 قطع
ذلك التردد من زملائه ووضعهم أمام الأمر الواقع وبالاتفاق مع البعثة الألمانية فضربت أوديسيا و سيباستبول الروسيتان بالأسطول التركي والذي كان فيه
الطرادين الألمانيين السابقي الذكر هما السفينتين الرئيسيتين فيه والذين أصبحا الآن تحت العلم العثماني .
- بحلول عام 1915 لم تبقى عائلة في أوروبا إلا ولها ولد في المعركة مخلفين ورائهم آلاف النساء التي أصبحت كل لحظة من حياتهم تنذر بأنباء سيئة .
أفريقيا :
لم تكن القوة البشرية في أوروبا لتشبع شراهة الحرب للدماء ففي الصحف المحلية صوت الإمبراطورية يطالب الحشود الأفريقية لخدمة العلم : " الحرب الحالية
هي الحرب العالمية ، فمن دونكم لا يستطيع رفاقكم البيض إحراز النصر "
وكانت خدمة العلم للأفارقة فرصة لإيجاد أنفسهم في المجتمع الأوروبي المتحضر ، عشرات الآلاف من الأفارقة رحلو إلى أوروبا بعضهم عمل شغيلا وبعضهم
على الجبهة وكانوا من كل الأجناس : بولس ،كارنكو ، بالونكس ، برباراس ، سيبوفاس ، كيسي ، تومز و بيريس ، أربكت الجيوش الأفريقية الأوامر بحفر
الخنادق وكانوا مذهولين من هذه الحرب والطريقة التي يدير بها هؤلاء البيض حروبهم هذه الحرب التي وحسب تفكير الأفارقة كانت بلا معنى ولا مكاسب
فالذي فهموه أن هذه الحرب لا تدار بشرف .
كان
![ch3_voi_kamara.jpg](http://www.pbs.org/greatwar/images/ch3_voi_kamara.jpg)
كامارا
أحد الجنود المتطوعين في الجيش الإنجليزي في فرنسا
" في حرب الرجل الأبيض أنت لا تقل أبدا أنا عطشان ،.. أنت لا تقل أبدا أنا جائع ،.. أنت تقاتل وتقاتل حتى يقول لك قلبك أنك خائف "
-لم يكن هناك أرقام عن الأفارقة ولكن يقال أن ربع مليون قتلوا أو فقدوا ، ولم يلقى السود التقدير الذي كانوا يحلمون به من حكامهم الإمبرياليين .
" كنا سودا ولم نكن شيئا وبسبب لوننا ألقى علينا الألمان أحذيتهم .. لقد أهانونا " .
عندما أقول أن الحرب أصبحت عالمية فهذا يعني حقا أنها أصبحت عالمية :
بينما اقتيد الرجال للحرب على الجبهات اقتيدت النساء إلى العمل وقد تبدل جنس العمال لكل الدول المشاركة في الحرب ، ولم تكن هناك صناعة أهم من
الصناعات الحربية ، تحول عشرات الآلاف من النساء إلى مصانع الأسلحة والذخائر ،
وكانت هذه الأماكن شديدة الخطورة من جهة المواد السامة الداخلة في التصنيع الحربي فقد كانت ستة عشر إلى ثمانية عشر إصابة في اليوم البعض قد يصبح
أعمى والبعض منهن قد يموت .
الخطر الرئيسي كان يتمثل في سموم الـ TNT ، عدة نساء قد متن منه ، أولى أعراض الإصابة بالـ TNT تشبه إلى حد كبير أعراض الإصابة بالرشح
من كثرة العطس والصداع وكان الطبيب في المعمل ينظر إليهن ويقول : " نصفكن أيتها الفتيات لن يكون لهن أطفال و النصف الآخر مريضات جدا كان
الله في عونكن " .
لم تستعمل مصانع ولوتش في بريطانيا أي نساء قبل الحرب وفي عام 1917 كان أربعة وعشرون ألفا من النساء يعملن في المصنع أي قرابة ثلاث وسبعين
بالمائة من القوة العمالية من النساء ، وكن يدركن أنهن إن لم يزودن رجالهن بالذخيرة والقذائف فإنهم سيخسرون الحرب .
وكان الخطر المحدق بهؤلاء النسوة هو تهديد المناطيد الألمانية التي كانت هذه المصانع الهدف الرئيسي لها كما سبق .
كانت قواعد الالتحام في الحرب قد تغيرت على الجبهة تغيرا آخر بعد حرب الخنادق ففي نيسان إبريل عام 1915 كشف الألمان النقاب عن سلاح جديد ،
إنه الغاز السام ،
![imageGas1.gif](http://www.germantownacademy.org/academics/us/TECHsite/WWIsite/WWImedia/WWIimages/imagesGas/imageGas1.gif)
![imageGas2.gif](http://www.germantownacademy.org/academics/us/TECHsite/WWIsite/WWImedia/WWIimages/imagesGas/imageGas2.gif)
![90494.jpg](http://www.germantownacademy.org/academics/us/TECHsite/WWIsite/WWImedia/WWIimages/imagesGas/90494.jpg)
أطلقت الغازات السامة ، غاز الكلور الأصفر وغاز الكلور الأخضر وتبعه غاز الخردل الذي يعتبر السلف الأول للنابالم وكانت لها آثار وخيمة على رجال
الخنادق فهي لم تخترق الدفاعات ولكن أثرت على الجنود صحيا ونفسيا .
كان الملازم الأول
![owen.jpg](http://www.greatwar.nl/rivers/owen.jpg)
ولفرد أون
أحد الجنود الإنجليز في الخامسة والعشرين من عمره وقد كون هو والملازم الأول
![Sassoon.jpg](http://www.spartacus.schoolnet.co.uk/Sassoon.jpg)
سيغفريد ساسون
ما سمي فيما بعد بأدب الحرب ، شهد ويلفرد أون وفاة أحد الجنود بالغاز السام وفي واحدة من أكثر قصائده شهرة لحظ هذا البعد الآخر للحرب الشاملة .
" غاز غاز أسرعوا يا أولاد ذهول أعمى يناسب الخوذ الخرقاء ولكن أحد ما كان ما زال يزعق و يتعثر ويتخبط كرجل في النار أو في الكلس .. ظلمة من
خلال قطع زجاج ضبابية وضوء أخضر كثيف كما في قاع بحر أخضر .. في كل كوابيسي أمام نظري الضعيف غطس إلي يغرغر ويختنق ويغرق ..
إذا استطعت أنت أيضا في أثناء حلم ضبابي أن تعدو خاف العربة التي رميناه فيها وأن تلحظ العينين المبيضتين تتلويان في وجهه
وجهه المتدلي كشيطان مليئ بالخطيئة
إذا استطعت أن تسمع في كل رجفة فرقعة الدم الفاسد في الرئتين الموبوئتين
فاحش كالسرطان
لاذع كمضغة القذارة
قرحة لا تبلى على ألسنة بريئة
يا صديقي لن تستطيع أن تنشد بتلك المتعة الكبيرة لأولاد تواقين لمجد يائس تلك الكذبة القديمة :
" بحلاوة وعذوبة يكون الموت من أجل أرض الأجداد "
لكي تجعل من الحرب شاملة أو عالمية عليك نبذ الأفكار الحربية السابقة في القرن التاسع عشر فالطريقة التي تهزم بها عدوك تكون بشن الحرب على أرض
الوطن وقتل المدنيين سواء بسواء مع الجنود على الجبهة لذا وفي عام 1915 أعلن الألمان أن السفن التي تسافر إلى موانئ الحلفاء معرضة لخطر الإغراق دونما
سابق إنذار والمسافرون أيضا هم أهداف حيوية في البحر .
في مساء السادس من أيار مايو تلقى ربان السفينة لويزيانا إنذارا من القوات الألمانية على ساحل أيرلندا ، وقد كانت لويزيانا أكبر وأجمل سفينة في ذلك
الوقت وكان يملكها مواطنون عاديون من بلاد محايدة بعيدة ألا وهي أميركا ، ضربت السفينة وغرق ألف ومائتا رجل وامرأة وطفل .
كل واحد أصبح مهددا بالخطر وكغيرهم أصبح الأولاد عرضة لخطر الحرب الشاملة كذلك كانوا قد تعرضوا للقتل والقذف بالقنابل .
وبسبب الدعاية والإعلام تعلم الأولاد من أغنيتهم الشهيرة [ بيت جاك ] الكراهية للألمان :
![children.jpg](http://www.edencamp.co.uk/hut7/children.jpg)
" هذا البيت الذي بناه جاك *
هذه القنبلة التي وقعت على البيت الذي بناه جاك *
هذا الجندي الألماني الذي رمى القنبلة على البيت الذي بناه جاك *
هذه البندقية التي قتلت الجندي الألماني الذي رمى القنبلة على البيت الذي بناه جاك ..... " .
وكذلك ومن مجلتهم الشهيرة ليتل فولكس تعلم الأطفال أشعارا تدعو لكراهية الألمان .
وكان لهوليوود دور رئيسي من خلال أفلامها الدعائية كان لها الدور الرئيس في حشد همم الرجال نفسيا من أجل الحرب .
** بعد ساعات قلائل من الإنزال الإنجليزي على غالي بولي بدأت أولى عمليات الإبادة العرقية الجماعية في القرن العشرين ، فقد شكل المجتمع الأرميني المسيحي في
تركيا والذي كان مجتمعا مزدهرا وغنيا وذا علاقات مع روسيا شكل قلقا على الإمبراطورية العثمانية
جمع أولاً قادة الأرمن وأعدموا ، ثم اقتيدت مجموعات بأكملها إلى الصحراء لتموت .
كان
![armin20sw_g.jpg](http://denisdonikian.blog.lemonde.fr/denisdonikian/images/armin20sw_g.jpg)
آرمن فاغنر
طبيبا شاب في الجيش الألماني وكان آن ذاك في تركيا
تجاهل الأوامر وهرب الكاميرا إلى معسكر التجميع وهناك التقط أبشع الصور للإبادة الجماعية التي لم تكن تمت للإسلام بصلة .
" في الأيام القليلة الماضية إلتقطت صورا عدة على الرغم من عقوبة الإعدام...فلم أشك لحظة واحدة من أنني أرتكب قضية خيانة فحالات الجوع والموت والمرض واليأس نادتني من كل جانب ....
![Armenie1915ArminWegner.jpg](http://www.herodote.net/Images/Armenie1915ArminWegner.jpg)
![geno49.jpg](http://www.cdca.asso.fr/photos/genocide/geno49.jpg)
كنت محاصرا بالخوف وأسرعت خارج المعسكر وقلبي يكاد يتوقف وأصبت بدوار وكأن الأرض كانت تطبق على كلا جانبي لتأخذني إلى الهاوية .
![p26.jpg](http://www.chgs.umn.edu/Educational_Resources/Curriculum/Teaching_Armenian_Genocide/Resources_7__Armenian_Genocide/p26.jpg)
![geno17.jpg](http://www.cdca.asso.fr/photos/genocide/geno17.jpg)
![genocide_armenien_pt.jpg](http://www.enjeux-internationaux.org/Images/genocide_armenien_pt.jpg)
في المستقبل كتب آرمن فاغنر رسالة إلى
![hitler-himmler.jpg](http://www.historyplace.com/worldhistory/genocide/hitler-himmler.jpg)
أدولف هتلر
مترافعا ومدافعا عن اليهود .. وكانت دعوة سقطت في آذان صماء ذلك أن هتلر كان قد تعلم درسا مخالفا تماما وأخبر هتلر دائرته الداخلية :
" من يتذكر اليوم المذابح الأرمينية "