hamody
كبار الشخصيات
تُرى بم حلمت أمس؟!..
سؤال يبدو بريئاً ظاهرياً، إلا أنه شديد التعقيد في الواقع، وفقاً لما يقوله العلماء عن النوم والأحلام..
فعلمياً، لا يوجد مخلوق واحد في الأرض كلها لا يحلم أثناء نومه، حتى الطيور والحيوانات والحشرات، ولكن من النادر جداً أن يتذكَّر أي مخلوق أحلامه عندما يستيقظ في الصباح..
أو لا يمكنه تذكر تفاصيلها على الأقل..
قليلة جداً، إلى حد الندرة، تلك الأحلام، التي يمكننا أن نرويها للآخرين، وذلك لأنها الأحلام التي قد تتسلَّل، من مرحلة النوم العميق، التي تزخر عادة بكل الأحلام، وتصل إلى مرحلة نهايات النوم التي تسبق الاستيقاظ مباشرة..
أو لأنها أحلام راودتنا قبل أن يوقظنا عامل مفاجئ غير متوقَّع..
والأحلام دائماً عشوائية، عجيبة، غير مرتبة، ولكنها تعبِّر عن شيء ما في أعماقنا..
أو ماضينا..
أو جسدنا..
فمن أحدث النظريات العلمية، تلك التي تتحدَّث عن ارتباط عالم الأحلام بأمراض عضوية يعانيها الجسم، وهي نظرية تلقى قبولاً عند العديد من العلماء، وخاصة فيما يتعلق بأحلام مقابلة الموتى..
أو السير في متاهة..
أو العري وسط الناس..
أو حتى الغرق في البحر..
كلها أحلام نمطية، يحلمها العديدون، دون أن يخطر ببالهم لحظة واحدة أنها تعبر عن خلل ما في أجسادهم التي تصرخ مستنجدة بالعقل الباطن عبر عالم الأحلام..
ومنذ توصَّل العلماء إلى هذا الكشف المدهش، تضاعف اهتمامهم بعالم النوم والأحلام ألف مرة..
وتضاعفت تجاربهم ألف ألف مرة..
وعبر رسام المخ الكهربي وأجهزة رصد موجات (جاما) قام العلماء بأكثر من ثلاثين ألف تجربة، انتهت كلها إلى حقيقة واحدة..
أن عالم الأحلام ليس مجرَّد تفريغ لمعاناة نفسية..
إنه مؤشر ضخم للحالة الجسمانية أيضاً..
ولأن الأحلام انعكاس لأمراض عضوية، فهل يمكن أن نقاوم النار بالنار، وأن نفلّ الحديد بالحديد؟!..
بمعنى أوضح، هل يمكننا أن نكشف المرض بالأحلام، وأن نعالجه بها أيضاً؟!..
من الناحية النظرية كان هذا ممكناً..
أما من الناحية العملية، فقد كانت مشكلة..
فالجسم يمرض..
ويعلن..
ويئن..
والأحلام تعبِّر عن هذا..
ولكن كيف نطلق نحن أحلاماً ترد المرض..
والمعاناة..
والأنين..
في البداية، بدا الأمر أشبه بالخيال العلمي، ثم لم يلبث العلماء أن قاموا بما يقومون به في المعتاد، وكسروا الحاجز بين الحقيقة والخيال..
فلسنوات وسنوات راحوا يدرسون الأحلام، وإشارات المخ خلالها، وموجات (جاما) التي تنبعث عبرها..
ثم توصلوا إلى النتائج..
وعرفوا كيف نحلم..
وبعدها، بدأت العملية العكسية..
أن نضع شخصاً ما في حالة سبات صناعي، ثم نبث في مخه نفس الإشارات، وموجات (جاما) التي تعبِّر عن الحلم المنشود..
والمدهش أن التجربة قد نجحت، وعلى نحو فاق كل توقعاتهم..
الخاضعون للتجربة حلموا بما أرادهم العلماء أن يحلموا..
عاشوا في نومهم لحظات سعادة..
وهناء..
وحب..
ومغامرة..
ثم -وهذا هو الأهم- شفوا من أمراضهم..
من الأمراض النفسية..
والعضوية أيضاً..
وانفتح أمل جديد في الشفاء من الأمراض..
وعالم حديث ومدهش من العلاج..
المشكلة الوحيدة هي أن علاجاً كهذا يتكلَّف الكثير..
والكثير جداً..
فالحلم الذي نحلمه في ليالينا مجاناً، يتكلف ما يقرب من مائة ألف دولار، حتى نحدثه صناعياً..
لذا فالعلاج بالأحلام ما زال -وسيظلّ لفترة طويلة- محدوداً..
ولكنّ هناك نوعاً آخر أرخص ثمناً..
نوعا مغناطيسيا، و…
ويحتاج إلى حديث آخر.
بقلم د.نبيل فاروق