ما الجديد
ستار دي في بي | StarDVB

أهلاً وسهلاً بك من جديد في ستار دي في بي StarDVB. تم في الاونة الاخيرة تطوير وتخصيص الموقع ليشمل IPTV و SMART TV بشكل أوسع من السابق. إذا كنت مسجل سابقا يمكنك الدخول باسم المستخدم السابق نفسه، وإن كنت غير مسجل مسبقاً، يمكنك التسجيل الان. نرحب بمشاركاتك واقتراحاتك في أي وقت، نتمنى لك وقتاً ممتعاً معنا.

كلُّ من تلقاه يشكو دهره !

ميسي برصا

كبار الشخصيات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

كلُّ من تلقاه يشكو دهره !
تذمر واضح في أوساط الجماهير من كل الاتجاهات، وإحباطات متواصلة من عند كثير من الأفراد والجماعات، وشكاوى مريرة هنا وهناك، كل يندب حظ هذه الأمة، ويرثي لأحوالها، ويبكي على آمالها الضائعة، وآلامها المستعصية، ومن ثم خرجت الشعوب إلى الشارع تطالب بالخلاص ولو كان ذلك بحرق أجسادهم على الملأ!

أمة فقد عزّتها، ومزّقت وحدتها، وضيعت أمنها، وهجرت شرعها، وعرقلت سيرها، وأفلتت زمامها، وبددت ثروتها، وتهالكت على شهواتها، وأقامت في مهب الرياح، تعصف بها الأعاصير من كل صوب، وتزمجر حولها الضباع من كل ناحية، ويتداعى عليها الأكلة من كل مكان، انتشر فيها الفساد، واستشرى الداء، وعمت الفوضى، ولا تكاد تجد أحداً إلا ولديه هاجس خوف، ونذير شؤم..
ولكن إلى متى سيظل هذا الحبل على الغارب يحزّ في رقبة البعير، لقد كثر التلفت هنا وهناك، وبدأ الناس يشيرون بالأصابع إلى هذا وذاك، لعلهم يجدون النجدة عند قاصٍ، أو دان، أو الخلاص في هذا الطرف أو ذاك، لقد تعثرت الحلول وتضاربت الرؤى، واختلفت المعطيات وكثر من يهتف بما لا يعرف، ومن يطبب من غير دواء.

لماذا أغمضت هذه الأمة أجفانها عن الحل الصحيح، ولوت أعناقها عن الصراط المستقيم، واستبعدت من بين أيديها هدي هذا الدين القويم، وراحت تتلمس بصيص الآمال في المتاهات، وتسعى وراء السراب في الفيافي والمفازات، حتى إذا جاءته لم تجده شيئاً، ووجدت عنده الخيبة وضياع الآمال. لقد بلغ السيل الزّبى، واتسع الخرق على الراتق، وأصبح الناس في شرّ ينذر بالمحاق، ووضع لا يبشر بخير إن لم يتداركه العقلاء، ويداويه الجراحون والأطباء، ويقوّمه المهندسون والعلماء.
قيادات الأمة
هل حقاً لا يوجد في الأمة قيادات تمتلك الرؤية والجرأة، والقدرة، والإرادة، والحركة، وتعرف الهدف وتسعى نحوه؟!.
لماذا وجدت قيادات واعية في أمم مغلوبة، فنهضت بها، وارتفعت، وأخذت مكانها المرموق بين الأمم والشعوب؟!. لماذا وجدت قيادات في أمم فقيرة، فأغنتها، وبوّأتها سدداً مروقة بين الناس؟!.

لماذا وجدت قيادات في أمم متفرقة، فوحدتها، وجمعتها، وشكلت منها أمم قوية تضرب، وترهب، وتصول وتجول.

لماذا لا يوجد في المسلمين أمثال هذه القيادات الدينية والدنيوية الواعية الراعية، في السياسة، والمال، والاجتماع، هل عقمت النساء أن يلدن أمثال هؤلاء القادة العظام، أم عجزت الإمكانات في الأمة عن تصنيع أمثال أولئك الأفذاذ، وفبركة أمثال أولئك المخلصين؟!
التاريخ التليد
إن أمتنا ليست حديثة الوجود، ولا هي مقطوعة النسب، ولا هي مجهولة التاريخ، إن أمتنا تملك ماضياً عريقاً، ونسباً موصولاً بالأبطال الأفذاذ، والقيادات الرشيدة، وتاريخاً مشرفاً، ينطوي على حضارة رائدة، وثقافة هادية، وعقيدة مشرفة ومناهج فريدة. لقد أفلتت أمتنا في أخريات أيامها –لأسباب كثيرة– زمام المبادرة، وتخلت عن سنن التقدم، وأسباب التفوق، فقعدت بها المعطيات الهزيلة عن مواصلة السير، وتخلفت بها الفتن والمؤامرات عن مسايرة التقدم والتطور، فخلفها السائرون وراءهم، وصوبوا إليها سهامهم، ووضعوا الأغلال في أعناقها، وخدروها بألوان من المنومات، والمخدرات خشية أن تصحو، أو تفيق، لكن لا بد من الصحوة، ولا محيص عن اليقظة، ولا مفرّ من الحركة الواعية الرشيدة.
اشتدي أزمة تنفرجي قد آذن صبحك بالبلج

وقد قيل: ما بعد العسر إلا اليسر، وما بعد الضيق إلا الفرج. نعم، إن أزمتنا شديدة، وإن أمراضنا قد تبدو مستعصية، ولكنها مهما بلغت من الشّدة والتأزم ليست مستحيلة الحل، وما كان اليأس والقنوط في يوم من الأيام سبيل هذه الأمة، ولا هو من دينها، ولا من هويّتها
ولرب نازلة يضيق بها الفتى ذرعاً وعند الله منها المخرجُ
ضاقت فلما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت أظنها لا تفرجُ
طريق الصحوة
لقد مرّت أمتنا العربية بمعضلات، واستفحلت فيها أزمات، وتكالب عليها أعداء، ورموها بكل الأدواء، وأرادوا لها أن تكبو فلا تنهض، وأن تذلّ فلا تعزّ، ولكنها قاومت كل هذا، وخرجت منه منتصرة ظافرة، عزيزة قوية، وتاريخها حافل بهذا، وهو ليس بخاف، ولا مجهول، واليوم سوف تكسر الأغلال، وتحطم القيود وتسير نحو الهدف المنشود، والمقصد الأسمى، وما ذلك إلا لأنها تملك أدوات العزة، ووسائل النهوض، وأسلحة النصر، تملك العقيدة الناصعة، والمنهج القويم، والتاريخ المشرق، والماضي العريق، ولديها الأمل الصادق، والتفاؤل الدافق، والثقة بالله العظيم عز وجل، ولا بدّ أن تتوحد الجهود، وتلتقي المصالح، ويتضح الطريق، ويتوحد الهدف.
(ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) آل عمران.

إن الإرهاصات المؤذنة بالفرج كثيرة، وإن الدلائل التي تلوح في الأفق أصبحت واضحة، وإن القادة المتحفزون من كل الاختصاصات سيبرزون إن شاء الله تعالى ليقودوا القافلة على دربها الصحيح إلى هدفها المنشود، وغايتها الواضحة.
صناعة القادة
إن أدوات صناعة القيادة الراشدة موجودة في تراثنا وحضارتنا وثقافتنا وتاريخنا، القيادات التي تملك الرؤية الواضحة، والجرأة القويمة، والقدرة والإرادة، والحركة الصحيحة، التي تقوى على قيادة الجماهير، وتحريكها نحو الهدف الواضح المنشود.

إننا ندعو الأمة إلى تفعيل دورها حول قياداتها الرشيدة، والتفافها حول مبادئها وقيمها، ومثلها، والمتمثلة في هدي ربها، ومعالم دينه الحنيف، فإننا نملك تراثاً لا يملك أحد مثله، وفيه قابلية أكيدة لصناعة القادة، وهداية الأمة في دروبها المأمونة المضمونة، الموصلة إلى مقاصدها الشريفة، وآمالها الكريمة. ليس من أهداف هذه الحضارة الربانية الاستعمار، والاحتقار، والاستنزاف، والاستذلال لأحد، وإنما أهدافها تتجمع في كل صنوف الرحمة، والإحسان، والأمن والأمان، والتعاون على الخير، وهذا كله لا يحتاج إلى دليل، فالدليل أوضح من أن يذكر، قال الله تعالى: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) الأنبياء:107. وقال: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي) النحل:90. وقال: (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين يهدي به الله من اتبع رضوانه سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه ويهديهم إلى صراط مستقيم) المائدة: 15-16. وقال: (يا أيها الناس قد جاءكم برهان ربكم وأنزلنا إليكم نوراً مبينا، فأما الذين آمنوا بالله واعتصموا به فسيدخلهم في رحمة منه وفضل ويهديهم إليه صراطاً مستقيما) النساء:174-175.

فيا أيتها الأمة تعالوا إلى كلمة حق نجتمع عليها، وندعو إليها، ونقود الأمة بخطا حثيثة نحوها، والله عز وجل لا يضيع أجر من أحسن عملاً.



بقلم د. طارق محمد سويدان

 
أعلى