ميسي برصا
كبار الشخصيات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لماذا نتحاور ونقول أهمّ من
كيف نتحاور وماذا نقول
ثمّة طرق متعددة للنظر إلى الحوارات والنقاشات. إحدى هذه الطرق تصنيف المحادثة إلى محادثةٍ إيجابية "بنوايا حسنة" أو محادثة سلبية "بنوايا سيّئة" والمطلوب أن تكون محادثاتنا في الصنف الأوّل وأن نسعى لاجتناب الوقوع في الصنف الثاني، لأنّ محادثات "النوايا السيّئة" هي التي تسبّب شحن الصدور بالضغائن وتفجّر الغضب ولا تكاد تجدي في حلّ المشكلات.
تجري محادثة "النوايا الحسنة" عندما تتصرف الأطراف بطرقٍ تدفع المحادثة إلى الأمام نحو حلّ المشكلة المطروحة بنيةٍ صادقة لحل تلك المشكلة وليس لأي غرضٍ آخر. فعلى سبيل التمثيل بنموذج واقعي بسيط نرى أنّ الأشقاء أو الأزواج الذين يتجادلون حول "من عليه إخراج قمامة المنزل" يتجهون أوّلاً للاتفاق على من ينبغي أنّ يكون المسؤول عن ذلك وكيف يتأكدون من تنفيذ ما اتفقوا عليه. تقوم محادثة "النوايا الحسنة" على حسن الإصغاء، وعلى طرح الأسئلة واستخراج الأمور إلى النور، وعلى رغبةٍ مبررة في العمل المشترك وليس في التحكّم بالطرف الآخر أو إخضاعه قسراً.
وأمّا محادثة "النوايا السيّئة" فتميّز باحتوائها عباراتٍ مثل "أنت لم تخرج قمامة هذا المنزل مرةً في حياتك" أو "لماذا تلقي بكل هذه الأعباء عليّ؟" لاحظ أنّ هذه العبارات وأمثالها لا علاقة لها فعلياً "بمسألة التخلّص من القمامة" الحاضرة الآن وإنما هي متعلقةً بمسائل ومشاعر أخرى محبوسة في الصدور. قد تكون تلك المسائل مهمةً جداً، ولكنّها موضوع محادثةٍ أخرى مختلفة.
لا تكفي النوايا الحسنة في البداية
المطلوب سلوك متواصل حتى النهاية
في أيّ لحظة يمكن لأي طرف من أطراف المناقشة أن يقلب المحاورة إلى محاورة "نوايا سيّئة". لذلك لا بدّ من الاحتياط والحرص على ملاحظة وصيانة جانبين مهمّين:
1- أن تتفهّم الطرق التي يمكن أن تقوم بها أنت فتحوّل الحوار إلى ميدان تناحر لسوء النوايا.
2- أن تتيقظ وتكتشف انزلاق الطرف الآخر إلى هذا الميدان وتتجنّب جرّك إلى محادثةٍ باهظة التكلفة لا ثمرة لها إلاّ توليد مزيد من نقاط الاختلاف والاشتباك.
من أهمّ الجوانب في "الحيل الحوارية" وأكثرها استدعاء للتفكّر أننا نحن البشر جميعاً نرتكبها وليس منّا أيّ أحد لم يستخدم إحدى تلك الخدع في وقتٍ من الأوقات. وسبب هذا العموم هو أنّ هذه "الحيل" طبيعية عاديّة ونكتسبها بمرور الوقت مع اكتسابنا وتعلّمنا اللغة في طفولتنا. وهكذا، حتّى لو كان الشخص صالحاً وحسن النيّة أساساً فإنّه سيستخدم هذه الأساليب المفجّرة للنزاع وخصوصاً عندما تتوتّر الأعصاب وتفور المشاعر.
من أشكال "الحيل الحوارية"
"الحيل" الحواريّة تكتيكات لغوية من أسئلة أو بيانات تؤدّي إلى تشويش "لغمطة" مسألة النقاش أو إخفائها. أو تهدف إلى إيقاع الطرف الآخر في حالات من: الاضطراب أو الإحراج أو الخوف والذعر أو القلق أو غير ذلك من المشاعر السلبية.
في عملي الأوسع قمت بتحديد وبحث ثمانية عشرة حيلةً من الحيل الحوارية. وأمّا في السطور التالية فأذكر حفنةً منها وحسب. ولا أستغرب أبداً أن تضرب عزيزي القارئ على جبينك عندما ترى وأنت تقرأ أنّ من حولك جميعاً يستخدمون هذه الحيل ضدّك وأنّك تستخدمها ضد الآخرين أيضاً!
حيلة الاستعطاف
هي محاولة لاستدرار عطف وشفقة الطرف الآخر وجعله يتخلّى ويتراجع. لا تشيع هذه الحيلة لدى الصغار وحسب، بل يستخدمها الراشدون أيضاً وهكذا تسمع أشياء على منوال " أصدقائي جميعاً يستطيعون التأخّر في المساء! لقد أصبحت الأضحوكة التي يسخرون منها فهل تسمحون لي بالتأخر معهم اليوم..." وكل من لديه أطفال يعرف كثيراً من تنويعات هذه الحيلة.
حيلة "الكل يعرف ويدرك!"
التعالم والتهديد بفضح الجهل
ترى ماذا يعني أحدهم عندما يقول "إنّه شيء مسلّم به، كما تعرف!"؟ في معظم الأحوال يعني استخدام هذه الحيلة أنّ المتكلّم لا يعرف كيف يؤيّد موقفه أو رأيه ببرهان، ولذلك يلجأ إلى هذا البيان الفارغ.
إن القول عن شيء إنّه "معروف لدى الجميع common sense" أو "واضح لكل ذي عينين" قولٌ ذاتيَ لا يمكن تعميمه، أو سحبه على قضية معينة دون برهان. وجوهر الحيلة هنا هو أنّ من يستخدم مقولة "معروف لدى الجميع" أو "واضح لكل ذي عينين" يضع رجاءه في أنّ الطرف الآخر سيخاف من افتضاح جهله ويرهب الظهور بمظهر الغبي ويذعن. طبعاً لا تكاد تجدي هذه الحيلة مع أحد والنتيجة الوحيدة المضمونة هي استفزاز المشاعر وتأجيج الغضب.
حيلة المضي إلى الغاية ذاتها بطرقٍ مختلفة
كلمات كثيرة = براهين جديرة!
تستخدم هذه الحيلة الكوميدية لدى من لا يريدون الاقتناع أو الإقرار بأنّهم مفتقرون إلى ما يقيمون ادعاءاتهم عليه. وهكذا تراهم يحاولون عبثاً الإقناع عن طريق قول الشيء ذاته بكلماتٍ مختلفة والزعم بأنّ هذه الطرق المختلفة أدلّة!
حيلة "وأنتم تفعلون ذلك أيضاً!"
الباطل المكرّر = حقّ مبرّر!
كثيراً ما تستخدم هذه الحيلة في الحوارات العائلية. والمنطق الذي تقوم عليه هذه الحيلة هو: بما أنك تقوم بالأمر السيئ فلا بأس في أنّ أقوم أنا بالشيء السيئ ذاته. وهكذا نسمع ونقول أشياء مثل: "توقف عن التذمّر من رائحة جواربي! نعم سأتركها في الغرفة طالما أنّك أنت تتركها أيضاً" أو " قد تكون رائحة الثوم في شطائري قاتلة ولكن كيف تستطيع تمييزها وسجائرك تخنق المنزل كمدخنة قطار!"
كانت هذه حفنةً بسيطة وحسب للحضّ على متابعة الانتباه والبحث، وتذكّر أنّ الغاية المهمّة: تقليص استخدام الإنسان هذه الحيل الحوارية وتفادي التبعات الجانبية عندما يستخدمها الآخرون، لا تتحقّق إلّا بالوعي والبحث الموضوعيّ والإقرار بالتعرّض لاستخدام هذه الحيل أو التعرّض لآثارها عندما يستخدمها الآخرون. ويبقى خير دفاعٍ في حالة دفع الحوار إلى ميدان النوايا السيّئة التأكّد من احتفاظك بمبادئ لعبتك وعدم الانجرار إلى الاشتباكات أو الانفعالات الجانبية التي تثيرها الحيل الحوارية الهادفة إلى إخراج الحوار عن مساره وتضييع غايته.
باختصار شديد النقطة الجوهرية هي: إرجاع الحوار ثانيةً إلى حالة "حل المشكلة" بدلاً من الاشتباك بسبب المشكلة
تحياتي
طواحين الهواء لماذا نحاربها؟!
الحيل الحواريّة: تجنّب استخدامها والوقوع ضحيّتها
روبرت باكال
ما المقصود بـِ "الحيلة الحوارية؟ Conversational con" إنه مصطلح ابتكره الاستشاري كاتب هذه المقالة روبرت باكال للإشارة إلى مزالق التخاطب المستخدمة لتشويش رؤية أو مسار الطرف الآخر في المناقشة. كثيراً ما تستخدم هذه الحيل السلبيّة للمراوغة والتملّص من موقف محرج أو تستخدم استخداماً عدائياً أو استفزازياً، ومن الخير لك عزيزي القارئ أن تبقى قادراً على استشعار تعرّضك لهذه الحيل من قبل الآخرين أو انزلاقك أنت إلى استخدامها في أيّ شكل من أشكال التواصل المباشر أو المسموع أو المقروء.الحيل الحواريّة: تجنّب استخدامها والوقوع ضحيّتها
روبرت باكال
لماذا نتحاور ونقول أهمّ من
كيف نتحاور وماذا نقول
ثمّة طرق متعددة للنظر إلى الحوارات والنقاشات. إحدى هذه الطرق تصنيف المحادثة إلى محادثةٍ إيجابية "بنوايا حسنة" أو محادثة سلبية "بنوايا سيّئة" والمطلوب أن تكون محادثاتنا في الصنف الأوّل وأن نسعى لاجتناب الوقوع في الصنف الثاني، لأنّ محادثات "النوايا السيّئة" هي التي تسبّب شحن الصدور بالضغائن وتفجّر الغضب ولا تكاد تجدي في حلّ المشكلات.
تجري محادثة "النوايا الحسنة" عندما تتصرف الأطراف بطرقٍ تدفع المحادثة إلى الأمام نحو حلّ المشكلة المطروحة بنيةٍ صادقة لحل تلك المشكلة وليس لأي غرضٍ آخر. فعلى سبيل التمثيل بنموذج واقعي بسيط نرى أنّ الأشقاء أو الأزواج الذين يتجادلون حول "من عليه إخراج قمامة المنزل" يتجهون أوّلاً للاتفاق على من ينبغي أنّ يكون المسؤول عن ذلك وكيف يتأكدون من تنفيذ ما اتفقوا عليه. تقوم محادثة "النوايا الحسنة" على حسن الإصغاء، وعلى طرح الأسئلة واستخراج الأمور إلى النور، وعلى رغبةٍ مبررة في العمل المشترك وليس في التحكّم بالطرف الآخر أو إخضاعه قسراً.
وأمّا محادثة "النوايا السيّئة" فتميّز باحتوائها عباراتٍ مثل "أنت لم تخرج قمامة هذا المنزل مرةً في حياتك" أو "لماذا تلقي بكل هذه الأعباء عليّ؟" لاحظ أنّ هذه العبارات وأمثالها لا علاقة لها فعلياً "بمسألة التخلّص من القمامة" الحاضرة الآن وإنما هي متعلقةً بمسائل ومشاعر أخرى محبوسة في الصدور. قد تكون تلك المسائل مهمةً جداً، ولكنّها موضوع محادثةٍ أخرى مختلفة.
لا تكفي النوايا الحسنة في البداية
المطلوب سلوك متواصل حتى النهاية
في أيّ لحظة يمكن لأي طرف من أطراف المناقشة أن يقلب المحاورة إلى محاورة "نوايا سيّئة". لذلك لا بدّ من الاحتياط والحرص على ملاحظة وصيانة جانبين مهمّين:
1- أن تتفهّم الطرق التي يمكن أن تقوم بها أنت فتحوّل الحوار إلى ميدان تناحر لسوء النوايا.
2- أن تتيقظ وتكتشف انزلاق الطرف الآخر إلى هذا الميدان وتتجنّب جرّك إلى محادثةٍ باهظة التكلفة لا ثمرة لها إلاّ توليد مزيد من نقاط الاختلاف والاشتباك.
من أهمّ الجوانب في "الحيل الحوارية" وأكثرها استدعاء للتفكّر أننا نحن البشر جميعاً نرتكبها وليس منّا أيّ أحد لم يستخدم إحدى تلك الخدع في وقتٍ من الأوقات. وسبب هذا العموم هو أنّ هذه "الحيل" طبيعية عاديّة ونكتسبها بمرور الوقت مع اكتسابنا وتعلّمنا اللغة في طفولتنا. وهكذا، حتّى لو كان الشخص صالحاً وحسن النيّة أساساً فإنّه سيستخدم هذه الأساليب المفجّرة للنزاع وخصوصاً عندما تتوتّر الأعصاب وتفور المشاعر.
من أشكال "الحيل الحوارية"
"الحيل" الحواريّة تكتيكات لغوية من أسئلة أو بيانات تؤدّي إلى تشويش "لغمطة" مسألة النقاش أو إخفائها. أو تهدف إلى إيقاع الطرف الآخر في حالات من: الاضطراب أو الإحراج أو الخوف والذعر أو القلق أو غير ذلك من المشاعر السلبية.
في عملي الأوسع قمت بتحديد وبحث ثمانية عشرة حيلةً من الحيل الحوارية. وأمّا في السطور التالية فأذكر حفنةً منها وحسب. ولا أستغرب أبداً أن تضرب عزيزي القارئ على جبينك عندما ترى وأنت تقرأ أنّ من حولك جميعاً يستخدمون هذه الحيل ضدّك وأنّك تستخدمها ضد الآخرين أيضاً!
حيلة الاستعطاف
هي محاولة لاستدرار عطف وشفقة الطرف الآخر وجعله يتخلّى ويتراجع. لا تشيع هذه الحيلة لدى الصغار وحسب، بل يستخدمها الراشدون أيضاً وهكذا تسمع أشياء على منوال " أصدقائي جميعاً يستطيعون التأخّر في المساء! لقد أصبحت الأضحوكة التي يسخرون منها فهل تسمحون لي بالتأخر معهم اليوم..." وكل من لديه أطفال يعرف كثيراً من تنويعات هذه الحيلة.
حيلة "الكل يعرف ويدرك!"
التعالم والتهديد بفضح الجهل
ترى ماذا يعني أحدهم عندما يقول "إنّه شيء مسلّم به، كما تعرف!"؟ في معظم الأحوال يعني استخدام هذه الحيلة أنّ المتكلّم لا يعرف كيف يؤيّد موقفه أو رأيه ببرهان، ولذلك يلجأ إلى هذا البيان الفارغ.
إن القول عن شيء إنّه "معروف لدى الجميع common sense" أو "واضح لكل ذي عينين" قولٌ ذاتيَ لا يمكن تعميمه، أو سحبه على قضية معينة دون برهان. وجوهر الحيلة هنا هو أنّ من يستخدم مقولة "معروف لدى الجميع" أو "واضح لكل ذي عينين" يضع رجاءه في أنّ الطرف الآخر سيخاف من افتضاح جهله ويرهب الظهور بمظهر الغبي ويذعن. طبعاً لا تكاد تجدي هذه الحيلة مع أحد والنتيجة الوحيدة المضمونة هي استفزاز المشاعر وتأجيج الغضب.
حيلة المضي إلى الغاية ذاتها بطرقٍ مختلفة
كلمات كثيرة = براهين جديرة!
تستخدم هذه الحيلة الكوميدية لدى من لا يريدون الاقتناع أو الإقرار بأنّهم مفتقرون إلى ما يقيمون ادعاءاتهم عليه. وهكذا تراهم يحاولون عبثاً الإقناع عن طريق قول الشيء ذاته بكلماتٍ مختلفة والزعم بأنّ هذه الطرق المختلفة أدلّة!
حيلة "وأنتم تفعلون ذلك أيضاً!"
الباطل المكرّر = حقّ مبرّر!
كثيراً ما تستخدم هذه الحيلة في الحوارات العائلية. والمنطق الذي تقوم عليه هذه الحيلة هو: بما أنك تقوم بالأمر السيئ فلا بأس في أنّ أقوم أنا بالشيء السيئ ذاته. وهكذا نسمع ونقول أشياء مثل: "توقف عن التذمّر من رائحة جواربي! نعم سأتركها في الغرفة طالما أنّك أنت تتركها أيضاً" أو " قد تكون رائحة الثوم في شطائري قاتلة ولكن كيف تستطيع تمييزها وسجائرك تخنق المنزل كمدخنة قطار!"
كانت هذه حفنةً بسيطة وحسب للحضّ على متابعة الانتباه والبحث، وتذكّر أنّ الغاية المهمّة: تقليص استخدام الإنسان هذه الحيل الحوارية وتفادي التبعات الجانبية عندما يستخدمها الآخرون، لا تتحقّق إلّا بالوعي والبحث الموضوعيّ والإقرار بالتعرّض لاستخدام هذه الحيل أو التعرّض لآثارها عندما يستخدمها الآخرون. ويبقى خير دفاعٍ في حالة دفع الحوار إلى ميدان النوايا السيّئة التأكّد من احتفاظك بمبادئ لعبتك وعدم الانجرار إلى الاشتباكات أو الانفعالات الجانبية التي تثيرها الحيل الحوارية الهادفة إلى إخراج الحوار عن مساره وتضييع غايته.
باختصار شديد النقطة الجوهرية هي: إرجاع الحوار ثانيةً إلى حالة "حل المشكلة" بدلاً من الاشتباك بسبب المشكلة
تحياتي