ما الجديد
ستار دي في بي | StarDVB

أهلاً وسهلاً بك من جديد في ستار دي في بي StarDVB. تم في الاونة الاخيرة تطوير وتخصيص الموقع ليشمل IPTV و SMART TV بشكل أوسع من السابق. إذا كنت مسجل سابقا يمكنك الدخول باسم المستخدم السابق نفسه، وإن كنت غير مسجل مسبقاً، يمكنك التسجيل الان. نرحب بمشاركاتك واقتراحاتك في أي وقت، نتمنى لك وقتاً ممتعاً معنا.

ضـوابط الإعجـاز الـعددي في القرآن الكريم(1)

helgohary

ستار جديد
ضـوابط الإعجـاز الـعددي في القرآن الكريم



بقلم المهندس عبد الدائم الكحيل

إذا ما تتبعنا الأبحاث الصادرة في الإعجاز العددي للقرآن الكريم، نرى بأن عدداً كبيراً من الباحثين قد اعتمد في دراسته لكتاب الله تعالى على مناهج متناقضة ومتنوعة، فكانت نتائج أبحاثهم غير دقيقة، وغالباً ما تمثل مصادفات وليس معجزات!

وقد يتطور الأمر لدى آخرين إلى الاستدلال بهذه النتائج غير المستندة إلى أي أساس علمي على أحداث تاريخية أو مستقبلية، كتحديد موعد قيام الساعة، أو زوال إسرائيل، أو أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وأحداث العراق وغيرها.

سوف نجيب عن الانتقادات التي يواجهها الإعجاز العددي اليوم، ونتحدث عن فوائد وأهداف المعجزة الرقمية في كتاب الله تعالى. وسوف نجيب عن سؤال مهم وهو: ما هي الضوابط الواجب على من يشتغل في هذا العلم الالتزام بها ليخرج بحثه موافقاً للعلم والشرع، وفي الوقت نفسه تكون هذه الضوابط كالميزان بالنسبة للقارئ يستطيع قياس أي بحث عددي عليها، ويقرر على ضوء ذلك قبول البحث أو رفضه. مع العلم أن معظم الأخطاء والانحرافات التي رأيناها من بعض من بحث في أرقام القرآن، ناتجة عن عدم الالتزام بمنهج علمي وشرعي.

سوف ندعم هذه الضوابط ببعض الأمثلة من كتاب الله تعالى والتي هي نموذج تطبيقي وعملي عن الإعجاز العددي الصحيح. ويجب التأكيد دائماً على أن لغة الأرقام ليست هدفاً بحدِّ ذاتها، إنما هي وسيلة لرؤية عجائب القرآن في عصر التكنولوجيا الرقمية.

مقدمة

الحمد لله رب العالمين القائل في مُحكم الذكر: (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)، الحمد لله الذي هيّأ لنا أسباب الهداية، ووفقنا إلى تدبّر هذا القرآن، ويسّر لنا التعرّف على معجزاته التي لا تنقضي. والصلاة والسلام على من كان القرآنُ العظيمُ إمامَه وخلُقَه وشفاءَه، سيدنا ومولانا وحبيبنا محمَّد، من أكرمنا الله به وجعله شفيعاً ورحمة لكل مؤمن أحب الله ورسوله، وعلى آله الطاهرين وأصحابه الطيبين وسلَّم تسليماً كثيراً. وبعد:

فقد أُثيرت شُبهات كثيرة ولا تزال حول موضوع الإعجاز العددي في القرآن الكريم، فبعضهم يعتقد أن لا فائدة من دراسة الأرقام القرآنية، باعتبار أن القرآن الكريم كتاب هداية وأحكام، وليس كتاب رياضيات وأرقام!

ومن العلماء من يعتقد أن إعجاز القرآن إنما يكون ببلاغته ولغته وبيانه، وليس بأرقامه! ويتساءل بعض القرّاء حول مصداقية كتب الإعجاز العددي ومدى صِدق النتائج التي تقدِّمها أبحاث هذا النوع من الإعجاز. والعجيب أن الأمر قد تطور لدى بعض المعارضين إلى إنكار الإعجاز العددي برمّته بسبب عدم وجود ضوابط تحكم هذا العلم الناشئ.

ولكن هل هنالك أحكام مسبقة تجاه هذا العلم بسبب بعض الانحرافات والأخطاء التي وقع بها (رشاد خليفة) أول من تناول هذا الموضوع منذ ربع قرن وغيره ممن بحثوا في هذا المجال؟

سوف نطرح جميع الانتقادات التي يواجهها الإعجاز العددي بتجرّد، ونجيب عنها بإذن الله بكل صراحة. وسوف نرى بأن الالتزام بمنهج علمي وشرعي خلال البحث عن معجزة رقمية، يؤدي حتماً إلى نتائج صحيحة ومقبولة. وسوف نرى أن معظم الأخطاء والتأويلات البعيدة عن المنطق العلمي، والتي نصادفها في كثير من كتب الإعجاز العددي، سببها بالدرجة الأولى عدم الالتزام بمنهج علمي ثابت، وعدم وجود قاعدة أو أساس متين يعتمد عليه الباحث خلال استنباطه لهذا اللون من ألوان الإعجاز القرآني.

ومن هنا تبرز ضرورة وجود ضوابط موثوقة ومقنعة للمؤمن الحريص على كتاب ربه، والذي يرفض أن يقبل شيئاً عن القرآن ما لم يكن مدعوماً بالدليل والبرهان العلمي. وكذلك هذه الضوابط ضرورية لكل من أحب أن يبحر في هذا القرآن من الباحثين والقرَّاء والمهتمين، لترافقه في بحثه أو قراءته، يصحح بها منهجه وتكون بالنسبة إليه كالدليل الواضح يقيس عليه صدق النتائج الرقمية، ليطمئن بها قلبه وينال الأجر من الله تعالى.

إن أي علم ناشئ لا بدَّ أن يتعرض في بداياته لشيء من الخطأ حتى تكتمل المعرفة فيه. وهذا أمر طبيعي ينطبق على المعجزة الرقمية القرآنية. وذلك لأن اكتشاف معجزة في كتاب الله تعالى أمر ليس بالهيِّن، بل يحتاج لجهود مئات الباحثين. وإذا ظهر لدى بعض هؤلاء أخطاء كان من الواجب على المؤمن الحريص على كتاب ربه أن يتحرَّى هذه الأخطاء ويصحِّحها لينال الأجر من الله تعالى.

ونسأل الله تبارك وتعالى أن يلهمنا الإخلاص والصواب، وأن يجعل في هذا البحث بداية موفَّقة لوضع الأساس السليم في الإعجاز الرقمي، وأن يجعل كل حرف فيه خالصاً لوجهه الكريم.

اللهمَّ إني أعوذُ بكَ أن أَضِلّ أو أُضَلَّ، أو أزِلَّ أو أُزَلَّ،

أو أََظلمَ أو أُظْلَمَ، أو أَجْهَلَ أو يُجْهَلَ عَلَيَّ



تساؤلات لا بدّ منها

قد يكون من أهم الأخطاء التي يقع فيها من يبحث في هذا العلم ما يُسمّى بالترميزات العددية، أي إبدال كل حرف من حروف القرآن الكريم برقم، وجمع الأرقام الناتجة بهدف الحصول على توافق مع رقم ما، أو للحصول على تاريخ لحدث ما. وقد يكون من أكثر أنواع التراميز شيوعاً ما سُمّي بحساب الجُمّل.

حساب الجُمّل ... إعجاز أم مصادفة؟

يُعتبر هذا النوع من الحساب الأقدم بين ما هو معروف في الإعجاز العددي. ويعتمد على إبدال كل حرف برقم، فحرف الألف يأخذ الرقم 1، وحرف الباء 2، وحرف الجيم 3، وهكذا وفق قاعدة "أبجد هوّز". وتختلف هذه القاعدة من حضارة لأخرى، فنجد أن كل شعب من الشعوب القديمة يحاول أن يعطي لحروف أبجديته أرقاماً محددة لا ندري على أي أساس تم ترتيبها.

وإنني أوجه سؤالاً لكل من يبحث في هذه الطريقة: ما هو الأساس العلمي لهذا الترقيم؟ وأظن بأنه لا يوجد جواب منطقي أو علمي عن سبب إعطاء حرف الألف الرقم 1، وحرف الباء الرقم 2،... لماذا لايكون الباء 3 مثلاً؟

إن هذا الحساب لم يقدّم أية نتائج إعجازية، وإن كنا نلاحظ أحياناً بعض التوافقات العددية الناتجة عن هذا الحساب. ولكن إقحام حساب الجمّل في كتاب الله تعالى، قد يكون أمراً غير شرعي، وقد لا يُرضي الله تعالى. لذلك فالأسلم أن نبتعد عن هذا النوع وما يشبهه من ترميزات عددية للأحرف القرآنية، والتي لا تقوم على أساس علمي أوشرعي، حتى يثبُت صِدْقُها يقيناً.

ولو تابعنا الأمثلة والنتائج التي تقدمها أبحاث هذا الحساب لرأينا تناقضات عجيبة ولا نكاد نجد مثالين متشابهين تماماً! بل هنالك عدد ضخم من النتائج التي اعتمد أصحابها على طرائق متنوعة وغير منهجية، فهو يجمع ثم يطرح وبعد ذلك يقسم أو يضرب أو يضيف أو يحذف دون أي التزام بمنهج رياضي أو حتى منطقي.

فتجد أحدهم يقول إن جُمَّل كلمة (البيِّنة) هو 98 ، أي لو أعطينا لكل حرف من حروف هذه الكلمة رقماً يساوي قيمته في حساب الجمل وجمعنا الأرقام نجد العدد 98 وهذا هو رقم سورة البيِّنة في المصحف. وينطبق هذا الحساب على كلمة الحديد التي مجموع حروفها في حساب الجمَّل هو 57 وهذا هو رقم سورة (الحديد) في القرآن.

ولو أن الحال استمر على هذا المنهج لكانت النتائج مقبولة وليس هنالك أي احتمال للمصادفة، ولكن لدينا في المصحف 114 سورة، ووجود توافق ما لسورتين فقط هو أمر تتدخل فيه المصادفة بشكل كبير.

وعندما حاول بعضهم دراسة بقية السور لم تنضبط حساباته مع أرقام السور، لذلك فقد لجأ إلى تغيير المنهج وذلك مع سورة (النمل) التي رقمها في المصحف هو 27. ولكن هذه الكلمة في حساب الجمَّل تساوي 151 وهذا الرقم بعيد جداً عن رقم السورة. فلجأ هذا الباحث إلى عدد الآيات لسورة النمل وهو 93 وكان هذا الرقم بعيداً أيضاً عن جُمَّل الكلمة، فجمع رقم السورة مع عدد آياتها ليحصل على العدد 27+93 = 120 وهذا الأخير أيضاً بعيد عن قيمة الكلمة.

فحذف من كلمة (النمل) التعريف لتصبح غير معرفة هكذا (نمل)، وكانت المفاجأة بالنسبة له وجود تطابق بين جُمَّل كلمة (نمل) وهو 120 وبين مجموع رقم سورة النمل وعدد آياتها وهو 120 أيضاً. وبالتالي خرج هذا الباحث بنتيجة مفادها أن جُمَّل كلمة (نمل) يساوي مجموع رقم وآيات سورة النمل، معتبراً أن هذه النتيجة تمثل معجزة!!! ونسي أن أهم ما يميز المعجزة القرآنية هو وضوحها وأن هذه المعجزة لا تحتاج لهذه الالتفافات.

ونقول هنا: هل يُسمح للباحث بسلوك مناهج متعددة أو حذف حروف من أسماء السور للحصول على توافقات معينة؟ وهل يُسمح له أثناء تعامله مع كتاب الله تعالى أن يجمع عدد الآيات مع رقم السورة مرة، ثم يكتفي برقم السورة مرة ثم يأخذ اسم السورة كما هو مرة وفي الأخرى يحذف حروفاً من هذا الاسم؟؟

وهنا أوجِّه سؤالاً لأصحاب هذا الحساب: هل يُعقل أن الله تعالى عندما أنزل القرآن رتب حروفه وكلماته وآياته وسوره بما يناسب حساب الجُمَّل؟

مبالغات يجب الابتعاد عنها

يُلاحظ على معظم الباحثين في الإعجاز العددي أنهم يركزون بحثهم في الأرقام، ويضخّمون حجم النتائج التي وصلوا إليها، ويُغفلون بقية جوانب الإعجاز القرآني، كالإعجاز البلاغي والتشريعي، أليس في ذلك مبالغة ينبغي الابتعاد عنها؟

إن هذه الملاحظة موجودة فعلاً، ولها ما يبررها! فالبحث عن معجزة رقمية في كتاب هو القرآن لا يحوي أية معادلات أو أرقام باستثناء أرقام السور والآيات، هذه المهمة صعبة للغاية، وتتطلب من الباحث أن يكرس كل وقته وجهده وعمله لهذا البحث الشائك. وتزداد المهمة صعوبة إذا علمنا أنه لا توجد بعد مراجع أو ضوابط لهذا العلم الناشئ.

وعلى كل حال ينبغي على من يبحث في الإعجاز العددي أن يهتم ويستفيد من بقية وجوه الإعجاز القرآني، ويدرك بأن المعجزة الرقمية ماهي إلا جزء يسير من بحر إعجاز كتاب الله تعالى. ويدرك أيضاً أن الإعجاز العددي تابع للإعجاز البياني وكلاهما قائم على الحروف والكلمات. فكل آية من آيات القرآن الكريم تتميز بوجود إعجاز بياني فيها وتتميز أيضاً بوجود بناء رقمي محكم لحروفها وكلماتها.

نعم. إن المناهج الملتوية لدراسة الإعجاز العددي وإقحام حسابات وأرقام في كتاب الله لا يرضاها الله تعالى، ولا يُبتغى بها وجه الله، هذا لا يصرف المؤمن عن القرآن فحسب بل يعرضه لعقوبة القول في كتاب الله بغير علم أيضاً. أما البحث الصحيح في كتاب الله تعالى له أجر عظيم عند الحق سبحانه.

هل يمكن للبشر أن يأتوابمثل هذه الإعجازات؟

وقد يسأل من ليس لديهم الخبرة والتجربة بعدّ الحروف وإحصاء الكلمات، أليس من السهل على أي إنسان أن يركّب جُمَلاً يراعي فيها تكرار الحروف، إذن أين الإعجاز؟

في كتاب الله عزّ وجلّ نحن أمام مقياسين: مقياس لغوي ومقياس رقمي. فلا نجد أي نقص أو خلل أو اختلاف في لغة القرآن وبلاغته من أوله وحتى آخره، وفي الوقت نفسه مهما بحثنا في هذا الكتاب العظيم لا نجد أي اختلاف من الناحية الرقمية، فهو كتاب مُحكم لغوياً ورقمياً.

إن محاولة تقليد القرآن رقمياً سيُخل بالجانب اللغوي، فلا يستطيع أحد مهما حاول أن يأتي بكلام بليغ ومتوازن وبالوقت نفسه منظَّم من الناحية الرقمية، سيبقى النقص والاختلاف في كلام البشر، وهذا قانون إلهي لن يستطيع أحد تجاوزه، وهذا مانجد تصديقاً له في قول الحقّ تبارك وتعالى: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً) [النساء: 82]. أليس في هذه الآية دعوة لتأمّل التناسق في كلام الله تعالى، وتمييزه عن الاضطراب والاختلاف الموجود في كلام البشر؟ أليست هذه إشارة غير مباشرة لتدبُّر التناسق الموجود في كتاب الله تعالى من الناحية البيانيّة والعددية؟

هذا. ودرءاً لهذه الشبهات وحرصاً على كتاب الله تعالى، فإنه لا بد من وضع مجموعة من الأسس والقواعد تكون مرتكزاً للباحثين في دراساتهم الرقمية، ووسيلة لكل من أحب أن يتأكد من صدق هذه الدراسات ليكون القلب مطمئناً ونبني عقيدتنا على أسس صلبة ومتينة.
 

helgohary

ستار جديد
ضـوابط الإعجـاز الـعددي في القرآن الكريم(2)

ضوابط الإعجاز العددي

يتألف أي بحث علمي كما نعلم من ثلاثة عناصر، وهي المعطيات والمنهج والنتائج. فالمعطيات هي الأساس الذي يقوم عليه البحث ، فإذا كانت هذه المعطيات صحيحة وكان المنهج المتبع في التعامل معها صحيحاً فلابدّ عندها أن تكون النتائج التي سيقدمها البحث صحيحة أيضاً. أما إذا كانت المعطيات غير دقيقة أو غير صحيحة وكان المنهج المتبع في التعامل معها أيضاً متناقضاً ولا يقوم على أساس علمي، فإن النتائج بلا شكّ ستكون ضعيفة وغير مقنعة، وربما تكون خاطئة.

وحتى تكون أبحاث الإعجاز العددي صحيحة ويطمئن القلب إليها، يجب أن توافق العلم والشرع، أي يجب أن تحقق الضوابط التالية:

1- ضوابط خاصة بمعطيات البحث.

2- ضوابط خاصة بمنهج البحث.

3- ضوابط خاصة بنتائج البحث.

ضوابط خاصة بمعطيات البحث

بالنسبة لمعطيات البحث يجب أن تأتي من القرآن نفسه، ولا يجوز أبداً أن نُقحِم في كتاب الله عزّ وجلّ مالا يرضاه الله تعالى. وهذا ما جعل الكثير من الأبحاث تفقد مصداقيتها بسبب اعتماد الباحث على أرقام من خارج القرآن الكريم، كما حدث في حساب الجُمَّل. فعندما نبدّل حروف اسم ﴿الله﴾ جلّ وعلا بأرقام، فنبدّل الألف بالواحد، واللام بثلاثين، واللام الثانية بثلاثين، والهاء بخمسة، وهذه هي قيم الحروف في حساب الجُمّل، ونَخْرُج بعد ذلك بعدد يمثل مجموع هذه الأرقام هو: 1 + 30 + 30 + 5 = 66، والسؤال: ماذا يعبّر هذا العدد 66؟! وهل يمكن القول بأن اسم ﴿الله﴾ يساوي 66 ؟؟؟ بل ما علاقة هذا الرقم باسم ﴿الله﴾ تبارك وتعالى؟

إن كتاب الله تعالى غزير بالعجائب والأسرار فلا حاجة للجوء إلى غيره، فنحن نستطيع أن نستنبط من كتاب الله تعالى آلاف الأرقام. ففي آية واحدة نستطيع أن نستخرج الكثير والكثير من المعطيات أو البيانات الرقمية الثابتة، مثلاً:

1- عدد كلمات هذه الآية.

2- عدد حروف الآية.

3- تكرار كل حرف من حروف هذه الآية.

4- تكرار كل كلمة من كلمات الآية في القرآن.

5- أرقام السور التي وردت فيها كلمة ما من هذه الآية.

6- أرقام الآيات التي وردت فيها كلمة أو عبارة من القرآن.

7- توزع كل حرف من حروف الآية على كلماتها.

8- رقم هذه الآية في السورة.

9- رقم السورة حيث توجد هذه الآية.

10- أعداد حروف محددة في الآية مثل حروف الألف واللام والميم ﴿الـم﴾، أو حروف اسم ﴿الله﴾ تبارك وتعالى، أي الألف واللام والهاء. أو حروف أسماء الله الحسنى .... وغير ذلك مما لا يُحصى.

11- عدد حروف كلمات محددة من الآية، مثل حروف أول كلمة وآخر كلمة.

وهكذا أرقام لا تكاد تنتهي، كلها من آية واحدة، فتأمل كم نستطيع استخراج أرقام من القرآن كلِّه؟

والسؤال: إذا كان لدينا هذا الكمّ الهائل من المعطيات والبيانات القرآنية الثابتة واليقينية، فلماذا نلجأ لأرقام أخرى من اصطلاحات البشر؟

كما ينبغي أن تكون طريقة استخراج المعطيات القرآنية ثابتة وغير متناقضة أبداً. فقد دأب كثير من الباحثين على استخراج أية أرقام تصادفه أو تتفق مع حساباته، فتجده تارة يعدّ الحروف كما تُكتب وفق الرسم القرآني، وتارة يعدُّ حروفاً أخرى كما تُلفظ، وتارة يخالف رسم القرآن بهدف الحصول على أرقام محددة تتفق مع حساباته، وغير ذلك مما لا يقوم على أساس علمي أو شرعي. إذن يجب أن تكون معطيات البحث:

1- مستخرجة من القرآن نفسه.

2- اتباع منهج محدد في الإحصاء، إما عد الحروف كما تكتب، أو عد هذه الحروف كما تلفظ. إلا إذا كان المطلوب إجراء دراسة مقارنة بين الرسم واللفظ. ولايجوز تغيير رسم الكلمات لتتفق مع عدد ما.

3- اعتماد قراءة محددة وعدم الخلط بين روايات القرآن، إلا إذا كان الباحث يقوم بدراسة مقارنة، فعندها ينبغي له أن يحدد القراءات المعتمدة في بحثه.

4- اتباع التسلسل القرآني للآيات والسور ولا يجوز تغيير هذا التسلسل أو مخالفته.

ضوابط خاصة بمنهج البحث

أما الطريقة التي نعالج بها هذه المعطيات القرآنية فيجب أن تكون مبنيّة على أساس علمي وشرعي. فلا يجوز استخدام طرق غير علمية، لأن القرآن كتاب الله تعالى، وكما أن الله بنى وأحكم هذا الكون بقوانين علمية محكمة، كذلك أنزل القرآن ورتبه وأحكمه بقوانين علمية محكمة، وقال عنه: ﴿كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ﴾ [هود: 1]، وقال عنه أيضاً: ﴿لكِنِ اللّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنزَلَ إِلَيْكَ أَنزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلآئِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللّهِ شَهِيداً ﴾ [النساء: 166].

وقد نرى من بعض الباحثين اتباع منهج غير علمي، فهو يجمع الحروف تارةً، ثم يطرح أرقام الآيات، وقد يضرب رقم السورة مرةً وأحياناً يقسّم رقم الآية وأخرى يحذف الحروف المكررة أو يضيف حروفاً تُلفظ ولا تكتب، حتى تنضبط حساباته لتوافق رقماً محدداً مسبقاً في ذاكرته. وبعضهم يسوق القارئ سوقاً باتجاه نتيجة وضعها سلفاً في ذهنه ويحاول أن يثبتها. ومثل هذه الأساليب غير المنهجية مرفوضة، إلا إذا قدّم صاحبها برهاناً مؤكداً على مصداقيتها.

إذن يجب أن يكون المنهج المتبع في معالجة البيانات القرآنية منهجاً علمياً وثابتاً، وعدم ثبات المنهج قد يكون من أهم الأخطاء التي يقع بها من يبحث في هذا العلم. كما حدث مع بعض الباحثين عندما عدّوا حروف النون في سورة القلم التي تبدأ بحرف (ن) فحصلوا على عدد هو 132 وهذا العدد ليس من مضاعفات الرقم 19 ويحتاج لنون واحدة لتحقيق هذا الهدف، فقاموا بعد حرف النون في فاتحة هذه السورة كما يلفظ هكذا (نون) فأضافوا حرفاً بذلك ليصبح عدد حروف النون 133 وهذا العدد من مضاعفات 19 !!

إذن يجب أن يكون المنهج المتبع في البحث:

1- منهجاً علمياً يعتمد أسس الرياضيات وقواعدها الثابتة، وعدم إقحام أساليب غير علمية.

2- أن تكون الطريقة المستخدمة لمعالجة المعطيات ثابتة. وعدم التنقل من طريقة لأخرى في البحث الواحد لأن هذا سيؤدي إلى تدخل المصادفة بشكل كبير في نتائج البحث.

3- عدم استخدام طرائق متناقضة في منهج البحث. كما يجب ألا يكون هنالك تناقض بين طريقة معالجة المعطيات القرآنية وبين الطرائق العلمية الثابتة والمؤكدة.

ضوابط خاصة بنتائج البحث

أما نتائج البحث القرآني فيجب أن تمثّل معجزة حقيقيّة لا مجال للمصادفة فيها. وينبغي على الباحث في هذا المجال إثبات أن نتائجه لم تأت عن طريق المصادفة، وذلك باستخدام قانون الاحتمالات الرياضي.

كما يجب أن يتنبه من يبحث في الإعجاز العددي إلى أن الأرقام هي وسيلة لرؤية البناء العددي القرآني، وليست هي الهدف ! ويجب أن يبقى بعيداً عن منْزلقات التنبُّؤ بالغيب الذي لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى. وأن يبتعد عن الاستدلال بهذه الأرقام على تواريخ أو أحداث سياسية.

ونحن لا ننكر أن القرآن يحوي كل العلوم ويحوي الماضي والمستقبل، ولكن يجب التثبُّت والتأنِّي والانتظار طويلاً قبل أن نستنبط شيئاً من كتاب الله له علاقة بعلم الغيب، فقد يثبُت خطأ هذا الاستنباط مستقبلاً، فنكون بذلك قد وضعنا حجّة في يد أعداء الإسلام للطعن في هذا الدين. وبالنتيجة يجب أن تكون نتائج البحث:

1- انتفاء المصادفة نهائياً عن هذه النتائج.

2- عدم بناء استدلالات غير علمية على هذه النتائج مثل علم الغيب إلا بالبرهان القاطع.

3- أن يكون عدد النتائج كبيراً لإقناع غير المسلمين بعظمة كتاب الله تعالى.

الرقم الأكثر تميّزاً

كما أن الخالق سبحانه وتعالى فضّل بعض الرسل على بعض، وقال في ذلك: ﴿تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ﴾ [البقرة: 253].

وكما أن الله تعالى فضَّل بعض الليالي على بعض فقال في ليلة القدر: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ ! وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ! لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ! تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ ! سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: 1-5].

وكذلك فضَّل بعض الشهور من السنة مثل شهر رمضان فقال: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾ [البقرة: 185]. وفضَّل بعض المساجد مثل المسجد الحرام والمسجد الأقصى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الإسراء: 1].

وكما فضَّل بعض البقاع على بعض مثل مكة المكرمة: ﴿إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 96]. وكما أن الله قد فضَّل بعض السور فكانت أعظم سورة في القرآن هي فاتحة الكتاب، وكانت آية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله. وكانت سورة الإخلاص تعدل ثُلُثَ القرآن، هكذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والآن لو تساءلنا عن لغة الأرقام في القرآن العظيم، وتدبَّرنا الأرقام الواردة فيه، ودرسنا دلالات كل رقم، فهل فضَّل الله تعالى رقماً عن سائر الأرقام؟ بلاشك إن الرقم الأكثر تميّزاً في كتاب الله تعالى بعد الرقم واحد هو الرقم سبعة ! فهذا الرقم له خصوصية في عبادات المؤمن وفي أحاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام، وفي الكون والتاريخ وغير ذلك.

لماذا اقتضت مشيئة الله عزَّ وجلَّ اختيار الرقم 7

هذا الرقم يملك دلالات كثيرة في الكون والقرآن وأحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم. حتى تكرار هذا الرقم في كتاب الله جاء بنظام محكم، فلا يوجد كتاب واحد في العالم يتكرر فيه الرقم سبعة بنظام مشابه للنظام القرآني. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية هذا الرقم وأنه رقم يشهد على وحدانية الله تعالى.

وللرقم سبعة حضور في حياتنا وعباداتنا، فالسماوات سبع، والأراضين سبع، والأيام سبعة، وطبقات الذرة سبع، ونحن نسجد لله على سبع، ونطوف حول الكعبة سبعاً، ونسعى بين الصفا والمروة سبعاً، ونرمي إبليس بسبع، وأُمرنا بسبع، ونُهينا عن سبع، والموبقات سبع، والذين يظلّهم الله في ظله سبعة، وأبواب جهنم سبعة، ونستجير بالله منها سبعاً، وأُنزل القرآن على سبعة أحرف،.....وأشياء يصعب حصرها، بشكل يضع هذا الرقم على قمة الأرقام بعد الرقم واحد الذي يعبر عن وحدانية الله تعالى، فهو الواحد الأحد.

عدد السماوات التي خلقها الله تعالى سبع، ولو بحثنا في القرآن عن كلمة (السّماوات) نجد أنها ارتبطت مع الرقم سبعة تماماً سبع مرات!! فقد تكررت عبارة ( سَبْعَ سَمَاوَاتٍ ) و (السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ) في القرآن كله سبع مرات بالضبط بعدد هذه السماوات!! وهذه هي الآيات السبع :

1ـ ﴿هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة : 29] .

2ـ ﴿تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ يُسَبِّحُ بِحَمْدَهِ وَلَـكِن لاَّ تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً﴾ [الإسراء : 44] .

3ـ ﴿قُلْ مَن رَّبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [المؤمنون : 86] .

4ـ ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [فصلت : 12] .

5ـ ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً﴾ [الطلاق : 12] .

6ـ ﴿الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً مَّا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِن تَفَاوُتٍ فَارْجِعِ الْبَصَرَ هَلْ تَرَى مِن فُطُورٍ﴾ [الملك : 3] .

7ـ ﴿أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقاً﴾ [نوح : 15] .

إذن عدد السماوات التي خلقها الله سبعاً وجاء ذكرها في القرآن الكريم سبعاً فتأمل هذا التناسق ، هل جاء بالمصادفة ؟ وهنالك عدد ضخم من النتائج المذهلة القائمة على الرقم 7 ومكرراته، ويمكن للقارئ الكريم تصفح الأبحاث العددية الواردة على هذه الموقع المبارك وخصوصاً "موسوعة الإعجاز الرقمي" والتي تضم مئات الحقائق الرقمية الثابتة والتي تكشف عظمة البناء القرآني المحكم.
 

helgohary

ستار جديد
منهج الأبحاث

لقد قمنا بسلوك طريق محددة في الأبحاث التي بين أيدينا في هذا الموقع ، وهي استخراج الأرقام من القرآن والبحث عن العلاقات الرقمية التي أودعها الله تعالى في هذه الأرقام .

ويمكن للقارئ أن يتوقع رؤية التناسقات العجيبة مع الرقم سبعة ، وذلك في المجالات الآتية :

1- العلاقات التي تربط بين عدد حروف كل كلمة من كلمات الآية ، وعدد حروف أول كلمة وآخر كلمة في الآية ، وذلك بهدف رؤية أسرار حروف القرآن وأن الطريقة التي كُتبت بها كلمات القرآن هي طريقة معجزة .

2- توزع حروف محددة داخل كلمات الآية ، مثل توزع حروف الألف واللام والهاء المكونة لاسم ﴿الله﴾ تعالى وغيره من أسماء الله الحسنى ، وتوزع الحروف المميزة مثل ﴿الم﴾ وغيرها من الحروف ، لنرى من خلال هذا التوزع إعجاز هذه الحروف وأنه لا يمكن لبشر أن يركب جملاً بليغة ويجعل كل حرف يتوزع بنظام يقوم على الرقم سبعة .

3- العلاقة التي تربط أرقام الآيات والسور التي وردت فيها كلمة ما ، وذلك من خلال دراسة تكرار هذه الكلمة في القرآن كلِّه . وهذا يؤكد أن الله تعالى قد وضع كل كلمة من كلمات القرآن بدقَّة متناهية ، ولو تغير ترتيب الآيات والسور لاختل هذا البناء المحكم .

4- العلاقات الرقمية التي تربط بين رقم السورة ورقم الآية وعدد الكلمات وعدد الحروف ، وذلك من أجل رؤية الإحكام والترابط والتماسك في بناء آيات وسور القرآن الكريم ، وإثبات أنه كتاب محكم ومترابط ومتكامل ، ولو كان من صنع بشر لما رأينا فيه هذا التماسك والترابط المعجز .

5- البحث عن العلاقات الرقمية التي تربط سور القرآن ، ورؤية البناء المذهل لارتباط أول آية في القرآن مع بعض آيات القرآن برباط سباعي ، وكذلك ارتباط أول سورة من القرآن مع بعض سور القرآن . وارتباطات أخرى وتناسقات مذهلة جميعها تقوم على الرقم سبعة ومضاعفاته.

الأساس العلمي والشرعي لعدّ الكلمات القرآنية

سوف نعتبر واو العطف كلمة مستقلة عما قبلها وما بعدها ، والسبب في ذلك هو أن النظام الرقمي الذي سنراه ونلمسه والقائم على الرقم 7 لا ينضبط إلا على هذا الأساس .

إن اعتبار واو العطف كلمة مستقلة له أساس شرعي ، وهو أن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ، عندما كُتب القرآن بين يديه ، كانت واو العطف تُكتب منفصلة ومستقلة عن الكلمة التي قبلها والكلمة التي بعدها . وهذا مانراه يقيناً في المخطوطات التي تعود لزمن سيدنا عثمان رضي الله تعالى عنه . والصورة التالية توضح نموذجاً للمصاحف التي كُتبت في ذلك الزمن ، و تُظهر عدم وجود ارتباط بين واو العطف والكلمة التي بعدها:









صورة من مصحف كما كتب زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

﴿وَانظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ! وَإِن كَانَ طَآئِفَةٌ مِّنكُمْ آمَنُواْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَآئِفَةٌ لَّمْ يْؤْمِنُواْ فَاصْبِرُواْ حَتَّى يَحْكُمَ اللّهُ بَيْنَنَا﴾ [الأعراف : 7/86-87] .



وسوف نعتمد في جميع الأبحاث طريقة صف الأرقام والتي تتميز بمحافظتها على تسلسل الآيات والسور والكلمات والحروف، ونأمل من القراء أن يرسلوا لنا ملاحظاتهم حول هذه النتائج التي تعرض للمرة الأولى على مستوى العالم.



الخاتمة والنتائج

في ختام هذا البحث الذي يمثل بداية لعلم ناشئ، يجدر بنا أن نتأمل الضوابط والحقائق اليقينيّة الواردة فيه وندرك الأهمية الفائقة لهذا العلم في عصرنا هذا. ويجب أن أعترف بأن رشاد خليفة وبدعته البهائية والتي استغل فيها الأرقام القرآنية لغاية في نفسه، قد تركت أثراً سلبياً تجاه هذا العلم البريء.

لذلك أتمنى من علمائنا الأجلاّء ومن السادة القراء ألا تكون الأخطاء والانحرافات التي رأيناها من أمثال هذا الرجل حاجزاً أمام رؤية الحق، بل ينبغي على كل مُنْصِف أن يفرّق بين الحقّ والباطل، فقد يجعل الله في أبحاث الإعجاز العددي الخير الكثير.

إن أي علم ناشئ لا بد أن يتعرض في بداياته لشيء من الخطأ حتى تكتمل المعرفة فيه. وهذا أمر طبيعي ينطبق على المعجزة الرقمية القرآنية. وذلك لأن اكتشاف معجزة في كتاب الله تعالى أمر ليس بالهيِّن، بل يحتاج لجهود مئات الباحثين. وإذا ظهر لدى بعض هؤلاء أخطاء كان من الواجب على المؤمن الحريص على كتاب ربه أن يتحرَّى هذه الأخطاء ويصحِّحها لينال الأجر من الله تعالى.

وإذا كان باعتقاد البعض أنه لا فائدة من دراسة لغة الأرقام القرآنية، فإن هذا الاعتقاد لا يستند إلى أي برهان علمي، بل جميع التطورات التي نشهدها في القرن الواحد والعشرين تؤكد على أهمية لغة الرقم في إقامة الحجة على كل من يُنكر صدق هذا القرآن. وبما أن لغة الرقم هي لغة العلوم الحديثة، فما الذي يمنع أن نجد هذه اللغة في كتاب الله تعالى؟ وما الذي يضرّنا إذا صدرت أبحاث كهذه تُعلي من شأن القرآن، وتخاطب أولئك الماديين بلغتهم التي يتقنونها جيداً: لغة الأرقام؟

لذلك لا ينبغي للمؤمن الحقيقي أن يقول بأن المعجزة الرقمية لا تعنيني أو لن تؤثر على إيماني أو لن تزيدني إيماناً. بل يجب عليه البحث والتفكّر والتدبّر في آيات القرآن الذي سيكون شفيعاً لك أمام الله عندما يتخلَّى عنك كل الناس! فانظر ماذا قدّمت لخدمة كتاب الله وخدمة رسالة الإسلام.

والآن نلخص ضوابط الإعجاز العددي بكلمات قليلة:

يجب أن يلتزم الباحث في الإعجاز العددي بقواعد صارمة أثناء تعامله مع كتاب الله عز وجل، وهي أن تكون المعطيات التي سيعتمد عليها في بحثه مستخرجة من القرآن نفسه ولا يجوز له أن يقحم أرقاماً من خارج كتاب الله تعالى، وأن يستخدم طرقاً علمية ثابتة في معالجته لهذه الأرقام، وأن تكون النتائج التي سيحصل عليها بعيدة عن المصادفة وألا يبني عليها استدلالات غير علمية أو شرعية.

هذا، ولايزال هنالك الكثير والكثير لنكتشفه. فلا تزال العديد من الأسئلة تنتظر من يجيب عنها، مثل: أين المعجزة في لفظ كلمات القرآن؟ وماذا عن الإعجاز العددي لقراءات القرآن؟ وهذا يفتح باباً جديداً من أبواب البحث في كتاب الله تعالى، ليرى فيها البرهان القاطع كل من لديه شك أو ريْب من غير المسلمين ، ولكل من أحبّ أن يدرك شيئاً عن عظمة القرآن من المسلمين. فما أجمل الإيمان عندما يمتزج بالعلم، وما أجمل العلم عندما يمتزج بالإيمان!

رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ

المراجع

1- القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم والرسم العثماني ، ويسمى المصحف الإمام أو مصحف المدينة المنورة .

2- كتب الأحاديث النبوية : البخاري ومسلم والترمذي .

3- تفسير القرآن العظيم للإمام ابن كثير .

4- المعجم المفهرس لألفاظ القرآن الكريم ـ محمد فؤاد عبد الباقي .

5- الإعجاز العددي ـ عبد الرزاق نوفل .

6- إعجاز الرقم 19 ، ومجموعة من الأبحاث ـ بسام جرار .

7- سلسلة كتب في الإعجاز الرقمي للمؤلف وتضم العناوين التالية :

(معجزة القرآن في عصر المعلوماتية ـ الإعجاز القصصي ـ حقائق رقمية تكشف أسرار القصة القرآنية ـ أسرار معجزة الـم ـ الله يتجلى في آياته ـ معجزة قل هو الله أحد ـ معجزة السبع المثاني ـ أسرار إعجاز القرآن ـ معجزة بسم الله الرحمن الرحيم ـ إشراقات الإعجاز الرقمي) .

8- مجموعة من الأبحاث للمؤلف موجودة على موقع موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنّة www.55a.net .

9- موسوعة الإعجاز الرقمي في القرآن الكريم للمؤلف والتي تضم أكثر من 700 حقيقة رقمية في كتاب الله تعالى.

10- أبحاث ومقالات مأخوذة من عدد من المواقع على الشبكة العالمية (الإنترنت) مثل موقع الأرقام www.alargam.com وموقع نون للدراسات الإسلامية www.islamnoon.com .
 
أعلى