hamody
كبار الشخصيات
الحرب العالمية الثانية
لعل الحرب العالمية الثانية هي الحرب الأكثر ضراوة في تاريخ الجنس البشري، وقد اشترك فيها معظم دول العالم، وكل القارات المسكونة، ودارت المعارك على الأرض وفي الجو والبحر، وهي أيضا الحرب الأكثر تكلفة في التاريخ.
كتبت عن الحرب آلاف الدراسات والتحليلات ومئات الكتب، كما صورت السينما الحرب في عشرات الحكايات السينمائية، وبل وصنعت عنها العديد من ألعاب الكمبيوتر! انتهت الحرب مخلفة 17 مليون قتيل من العسكريين، وعددا أكبر من ذلك من المدنيين نتيجة للأوبئة والمجاعات والقصف والمذابح. وتقول بعض التقديرات إن العدد الإجمالي لضحايا الحرب يصل إلى 57 مليون إنسان.
تعملها الأولى وتقع فيها التانية
يعود السبب الأساسي لقيام الحرب العالمية الثانية إلى المشكلات التي تُركت بدون حل بعد الحرب العالمية الأولى (1914-1918). فقد أوجدت الحرب العالمية الأولى والمعاهدات التي عُقدت في نهايتها مشاكل سياسية واقتصادية جديدة، واستغل قادة أقوياء في عدد من الأقطار هذه المشاكل لكي يستولوا على السلطة. كما أن رغبة الحكام الفاشيين في ألمانيا وإيطاليا واليابان في الحصول على مزيد من الأراضي قد أدى إلى انبثاق الصراع مع الدول الديمقراطية.
كانت الحرب العالمية الأولى قد خربت اقتصاديات أوروبا وتركت معظم دولها في حالة مديونية ثقيلة للولايات المتحدة التي كانت قد دخلت الحرب متأخرة، واكتفت بإقراض دول الحلفاء بالإضافة إلى التعويضات التي كان على المهزومين أن يدفعوها للدول المنتصرة. ولم يجد كثير من الجنود وظائف لهم بعد الحرب. استمرت الولايات المتحدة في تقديم القروض إلى أوروبا لإصلاح الاقتصاد المنهار.
عام 1929 بدأ هبوط اقتصادي عرف باسم الكساد العظيم في الولايات المتحدة.. سبّب الكساد العظيم بطالة كبرى، ونشر الفقر والبؤس عبر العالم. في هذه الظروف الاقتصادية الطاحنة تشتد شوكة الحركات السياسية المتطرفة، والتي قدمت وعودا بإنهاء الكساد والانهيار الاقتصادي، كالحركة الفاشية في إيطاليا والنازية في ألمانيا.
ساعد ذلك أيضا على انتشار الأفكار القومية في أوروبا، والتي تنظر إلى الآخر نظرة دونية، مما يعطي مبررا لا بأس به للأمم لغزو الأمم الأخرى والاستيلاء على أراضيها، لأنهم (هم) أسوأ و(نحن) أفضل لذا فإننا نستحق الحصول على مواردهم.
عندما تتطرف القومية
في الثلاثينيات أيد الألمان بحماس عظيم تنظيمًا قوميًا متطرفًا سمي الحزب النازي (الحزب القومي)، الذي كان ينادي بأحقية ألمانيا في أن تصبح قوية مرة أخرى برغم أنف معاهدة فرساي المجحفة. في نفس الوقت كانت الحكومات الاستبدادية قد وصلت إلى السلطة في الاتحاد السوفيتي وإيطاليا، وتبنت نفس الأفكار القومية التي تزدري الآخر.
وقد بدأ كل من إيطاليا واليابان في اتباع سياسة التوسع الإقليمي خلال الثلاثينيات، فقامتا بغزو البلدان الضعيفة المجاورة؛ حيث استولت اليابان على منشوريا عام 1931، وتبعته بهجوم على الصين احتلت به معظم الأراضي الشرقية للصين عام 1938، بينما قامت إيطاليا بغزو إثيوبيا عام 1935، في الوقت الذي كان فيه "هتلر" يقوم ببناء جيش ألماني قوي بالمخالفة لمعاهدة فرساي، ضم به أراضي النمسا عام 1938.
كوّنت الدول المعتدية حلفا، ففي سنة 1936 اتفقت ألمانيا وإيطاليا على أن تساند كل منهما الأخرى في سياستها الخارجية، وعرف التحالف بمحور برلين ـ روما، وانضمت اليابان إلى الحلف في سنة 1940، وأصبح هناك محور برلين ـ روما ـ طوكيو.
الأطماع الهتلرية
بعد حصول "هتلر" على النمسا، قرر أن يضم أراضي تشيكوسلوفاكيا المستقلة حديثا إلى ألمانيا، خاصة أراضي سدتنلاند التي تسكنها أغلبية تتحدث الألمانية، وقد طالب الألمان في سدتنلاند - بدعم من هتلر- بالوحدة مع ألمانيا.
لكن الحكومة التشيكوسلافية قررت التصدي لـ"هتلر" والدفاع عن أراضيها، لكن المفاوضات -التي اشتركت فيها فرنسا وبريطانيا- انتهت إلى الاتفاق على اقتطاع أراضي سدتنلاند ومنحها لـ"هتلر"، على أمل أن يوقف هذا من ميوله التوسعية حسبما وعد، إلا أنه لم يفِ بوعوده، فقد نقض "هتلر" الاتفاقية عام 1939 واستولى جيشه على باقي تشيكوسلوفاكيا! وبذلك انضمت القوات المسلحة التشيكوسلافية بأسلحتها ومصانعها إلى جيش "هتلر".
سرعان ما بدأ "هتلر" في تنفيذ مخططاته التوسعية، ففي أول سبتمبر 1939 غزت ألمانيا بولندا، التي كانت تأمل أن يهب الاتحاد السوفيتي للدفاع عنها، إلا أن "هتلر" كان قد وقع اتفاق عدم اعتداء مع "ستالين" قبلها، على أساس أن يتم تقسيم بولندا بين ألمانيا والاتحاد السوفيتي سرا.
ابتكر الألمان طريقة جديدة في الحرب أسموها (الحرب الخاطفة) ونفذوها في الحرب مع بولندا التي كانت تمتلك جيشا كبيرا، إلا أن الجيش وقع في فوضى من الحرب الخاطفة. وبعد سبعة عشر يوما دخل الجيش السوفيتي بولندا من الشرق ليستولي الاتحاد السوفيتي على الثلث الشرقي من بولندا بينما يحصل "هتلر" على الثلثين الآخرين.
أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا بعد يومين من دخول الجيش الألماني بولندا، وبدأت التجهيزات للحرب المقبلة من الجانبين. وفي يونيو 1940 كانت ألمانيا قد استولت على النرويج والدانمارك بهدف تأمين وصول الحديد الخام من السويد، وقطع الفرصة على بريطانيا إذا فكرت أن تقطع خطوط الإمدادات في الطريق إلى ألمانيا. وإثر فشل بريطانيا في مساعدة النرويج والوقوف في وجه "هتلر"، استقال "تشمبرلين" وحل محله "ونستون تشرشل" رئيسًا للوزراء، والذي تعهد أمام الشعب البريطاني بتقديم الدم والتعب والعرق والدموع.
في نفس العام استولت الجيوش الألمانية على لوكسمبرج التي استسلمت على الفور، وعلى هولندا التي استسلمت في خمسة أيام. كما استولت على بلجيكا التي لم تستطع قوات الحلفاء أن تفعل لها شيئا.
ديجول يتحدى الغول
كانت فرنسا قد بنت ما يسمى بخط ماجينو للدفاع عن نفسها ضد ألمانيا، لكن الألمان - باحتلال لكسمبورج- أصبح بإمكانهم الالتفاف حول خط ماجينو، واجتاحوا فرنسا في هجوم كبير يوم 5 يونيو 1940، وزاد الأمور سوءا إعلان إيطاليا انضمامها إلى ألمانيا ضد فرنسا وبريطانيا. وفي 14 يونيو دخلت الجيوش الألمانية باريس، وقامت باستعراض عسكري في شارع الشانزليزيه أشهر شوارع العاصمة!
زاد الأمر سوءا تعيين حكومة فرنسية عميلة بعد الاحتلال تعاونت مع الألمان، لكن أحد قادة الجيش الفرنسي وهو "شارل ديجول" هرب إلى بريطانيا، وكان يحث الناس على المقاومة من خلال الإذاعة الموجهة إلى فرنسا.
عرفت القوات التي تجمعت حول "ديجول" بقوات فرنسا الحرة. وسقطت فرنسا وهكذا وجدت بريطانيا نفسها وحيدة في وجه الغول الألماني، الذي كان يعد العدة لغزو الجزيرة البريطانية نفسها، كما سنرى في الأسبوع القادم.
و الشكر الخاص لأخى سراج على دفعه لى للعودة لمثل هذه الموضوعات التاريخية