ميسي برصا
كبار الشخصيات
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
التسامح..
ازرعوه في الصغار لتجدوه في الكبار
الدكتور مصطفى أبو سعد
استشاري نفسي وتربوي
مدرّب في علوم التنمية البشرية
استراتيجية تربية الأطفال على التسامح
تربية الأطفال على التسامح قضية تربوية حساسة، وسنحاول هنا تسليط الأضواء على بعض الجوانب المهمة.
ونعني بالتسامح هنا عدم التعصب، والقدرة على التفاعل الاجتماعي التكاملي وإدارة الخلاف بصورة حضارية تعترف بالآخر ولا تلغيه.
هل التسامح سمة بداخل الإنسان أم صفة مكتسبة؟ هل أطفالنا بحاجة إلى تنشئة على خلق التسامح؟
دور البيت
إن أسلوب التربية المتبع داخل الأسرة له انعكاساته سلباً أو إيجاباً على اكتساب سلوك التسامح لدى الأطفال.
وللأسف فإننا لا ننطلق في تربيتنا لأبنائنا من الأسس التي رسمها لنا ديننا الحنيف، بل كثيراً ما نطبق فلسفات تربوية لا تنسجم وتعاليم الإسلام السمحة، فالعلاقة السائدة عندنا بين الآباء والأبناء غالباً ما تقوم على أساس التسلط والإكراه، وتفتقر للحب والحنان والتفاهم والحوار. ويظهر ذلك جلياً في لغة التواصل حيث الأوامر والنواهي والتهديد والازدراء، والتخجيل والشتم وانفعالات الغضب وما يصاحبها من عقاب جسدي.
إن هذا النموذج يتم إعادة إنتاجه فيما بعد من قبل الأطفال عندما يصبحون كباراً فيحل في المجتمع الإكراه محل الإقناع والتعصب محل التسامح.
لذا علينا أن نعيد النظر في الأساليب التربوية التي نمارسها مع أبنائنا لكي نخلق جيلاً متسامحاً، فما نزرعه في نفوسهم نحصده بعد حين.
يقول الله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) [الإسراء:7].
لتكن بيوتنا منتديات حوارية مفتوحة لأفراد الأسرة كافة، ولنشجع أبناءنا على تقبل الرأي الآخر من خلال تقبل آرائهم.
دور المدرسة
تؤدي المدرسة بعناصرها المختلفة دوراً مهماً في ترسيخ فضيلة التسامح أو رذيلة التعصب عند التلاميذ. فالعلاقة بين المعلم والتلميذ إذا كانت تقوم على احترام شخصية التلميذ وتشجيعه على الحوار وطرح الأسئلة التي تدور في ذهنه، وإعطائه الفرصة المناسبة لإبداء رأيه، ومناقشته بعيداً عن التعصب، فإن ذلك يجعل الطالب يقدر قيمة التسامح والحوار، أما إذا حدث العكس وتحولت العلاقة إلى اتصال ذي اتجاه واحد من (الأعلى للأدنى) فعلينا أن نتوقع نتائج سلبية خطيرة.
من الظواهر المنتشرة في أغلب مدارسنا العربية
- عدم تمتع الطلاب بمهارات التساؤل والمناظرة.
- يثير اختلاف الآراء غضب المعلمين وعدم ارتياحهم.
- لا يستطيع الطالب شرح وجهة نظره بصورة متكاملة وبدون مقاطعة.
- المناقشة قليلة وتكاد تحصر بمادة الدرس، ولا تشمل وجهات نظر الطلاب الشخصية وشعورهم ومواقفهم.
- ارتفاع نسبة كلام المعلم وضعف المبادرة عند الطلاب.
- قلة التفاعل بين الطلاب أنفسهم.
إن الحديث عن هذا الجانب طويل جداً، ويتناول أبعاداً كثيرة، كأسلوب الإدارة المدرسية، وطرق تقويم الطالب، وشكل العلاقة بين الطلاب أنفسهم داخل الصف وخارجه، والوسائل التعليمية، وما إلى ذلك...
دور المجتمع
وللمجتمع دور أيضاً في خلق ثقافة التسامح وقبول الآخر بين أفراده، فإذا كانت تركيبة المجتمع والعلاقات داخله تقوم على أسس سليمة من الحقوق والواجبات، وإذا كان المجتمع يتيح فرصاً متكافئة لأفراده لتحقيق ذواتهم، ويشجع أبناءه على التعبير والمشاركة الإيجابية، فإن ثقافة التسامح ستصبح هي الثقافة السائدة. ويجب علينا هنا ألا نغفل دور الوسائل التي تشكل ثقافة المجتمع من منبر ومسجد وإعلام، فهذه لها دورها الفعال في التنشئة الاجتماعية المتسامحة أو المتعصبة.
لقد ركز الإسلام على هذا الجانب وأولاه العناية الكاملة، فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب، والتفاضل بين أطراف المجتمع يقوم على أساس قيمي {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. كما أن الإسلام ينمي بين أفراده احترام الآخر من خلال تنمية مهارة الاستماع، ومقابلة الحجة بالحجة {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
ويقوم الإسلام على أساس الإقناع لا الإكراه {لا إكراه في الدين} {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر}.
إن ابتعادنا عن مصادر ثقافتنا الأصلية كان له دوره السلبي والخطير في تنشئة أجيال بعيدة عن لغة الحوار والتسامح.
نؤكد على أن تربية الأطفال على ثقافة التسامح أمر لا يتم بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى خطط متكاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة العناصر المكونة للثقافة الاجتماعية وإعادة صياغتها لتناسب الأهداف السامية التي يصبو المجتمع لتحقيقها. وتتمثل الخطوة الأولى بالبيت ففيه يتم غرس البذور الأولى للتسامح أو التعصب.
تحياتي
التسامح..
ازرعوه في الصغار لتجدوه في الكبار
الدكتور مصطفى أبو سعد
استشاري نفسي وتربوي
مدرّب في علوم التنمية البشرية
استراتيجية تربية الأطفال على التسامح
تربية الأطفال على التسامح قضية تربوية حساسة، وسنحاول هنا تسليط الأضواء على بعض الجوانب المهمة.
ونعني بالتسامح هنا عدم التعصب، والقدرة على التفاعل الاجتماعي التكاملي وإدارة الخلاف بصورة حضارية تعترف بالآخر ولا تلغيه.
هل التسامح سمة بداخل الإنسان أم صفة مكتسبة؟ هل أطفالنا بحاجة إلى تنشئة على خلق التسامح؟
دور البيت
إن أسلوب التربية المتبع داخل الأسرة له انعكاساته سلباً أو إيجاباً على اكتساب سلوك التسامح لدى الأطفال.
وللأسف فإننا لا ننطلق في تربيتنا لأبنائنا من الأسس التي رسمها لنا ديننا الحنيف، بل كثيراً ما نطبق فلسفات تربوية لا تنسجم وتعاليم الإسلام السمحة، فالعلاقة السائدة عندنا بين الآباء والأبناء غالباً ما تقوم على أساس التسلط والإكراه، وتفتقر للحب والحنان والتفاهم والحوار. ويظهر ذلك جلياً في لغة التواصل حيث الأوامر والنواهي والتهديد والازدراء، والتخجيل والشتم وانفعالات الغضب وما يصاحبها من عقاب جسدي.
إن هذا النموذج يتم إعادة إنتاجه فيما بعد من قبل الأطفال عندما يصبحون كباراً فيحل في المجتمع الإكراه محل الإقناع والتعصب محل التسامح.
لذا علينا أن نعيد النظر في الأساليب التربوية التي نمارسها مع أبنائنا لكي نخلق جيلاً متسامحاً، فما نزرعه في نفوسهم نحصده بعد حين.
يقول الله تعالى: (إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها) [الإسراء:7].
لتكن بيوتنا منتديات حوارية مفتوحة لأفراد الأسرة كافة، ولنشجع أبناءنا على تقبل الرأي الآخر من خلال تقبل آرائهم.
دور المدرسة
تؤدي المدرسة بعناصرها المختلفة دوراً مهماً في ترسيخ فضيلة التسامح أو رذيلة التعصب عند التلاميذ. فالعلاقة بين المعلم والتلميذ إذا كانت تقوم على احترام شخصية التلميذ وتشجيعه على الحوار وطرح الأسئلة التي تدور في ذهنه، وإعطائه الفرصة المناسبة لإبداء رأيه، ومناقشته بعيداً عن التعصب، فإن ذلك يجعل الطالب يقدر قيمة التسامح والحوار، أما إذا حدث العكس وتحولت العلاقة إلى اتصال ذي اتجاه واحد من (الأعلى للأدنى) فعلينا أن نتوقع نتائج سلبية خطيرة.
من الظواهر المنتشرة في أغلب مدارسنا العربية
- عدم تمتع الطلاب بمهارات التساؤل والمناظرة.
- يثير اختلاف الآراء غضب المعلمين وعدم ارتياحهم.
- لا يستطيع الطالب شرح وجهة نظره بصورة متكاملة وبدون مقاطعة.
- المناقشة قليلة وتكاد تحصر بمادة الدرس، ولا تشمل وجهات نظر الطلاب الشخصية وشعورهم ومواقفهم.
- ارتفاع نسبة كلام المعلم وضعف المبادرة عند الطلاب.
- قلة التفاعل بين الطلاب أنفسهم.
إن الحديث عن هذا الجانب طويل جداً، ويتناول أبعاداً كثيرة، كأسلوب الإدارة المدرسية، وطرق تقويم الطالب، وشكل العلاقة بين الطلاب أنفسهم داخل الصف وخارجه، والوسائل التعليمية، وما إلى ذلك...
دور المجتمع
وللمجتمع دور أيضاً في خلق ثقافة التسامح وقبول الآخر بين أفراده، فإذا كانت تركيبة المجتمع والعلاقات داخله تقوم على أسس سليمة من الحقوق والواجبات، وإذا كان المجتمع يتيح فرصاً متكافئة لأفراده لتحقيق ذواتهم، ويشجع أبناءه على التعبير والمشاركة الإيجابية، فإن ثقافة التسامح ستصبح هي الثقافة السائدة. ويجب علينا هنا ألا نغفل دور الوسائل التي تشكل ثقافة المجتمع من منبر ومسجد وإعلام، فهذه لها دورها الفعال في التنشئة الاجتماعية المتسامحة أو المتعصبة.
لقد ركز الإسلام على هذا الجانب وأولاه العناية الكاملة، فالناس كلهم لآدم وآدم من تراب، والتفاضل بين أطراف المجتمع يقوم على أساس قيمي {إن أكرمكم عند الله أتقاكم}. كما أن الإسلام ينمي بين أفراده احترام الآخر من خلال تنمية مهارة الاستماع، ومقابلة الحجة بالحجة {الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} {قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين}.
ويقوم الإسلام على أساس الإقناع لا الإكراه {لا إكراه في الدين} {فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر}.
إن ابتعادنا عن مصادر ثقافتنا الأصلية كان له دوره السلبي والخطير في تنشئة أجيال بعيدة عن لغة الحوار والتسامح.
نؤكد على أن تربية الأطفال على ثقافة التسامح أمر لا يتم بين عشية وضحاها، بل يحتاج إلى خطط متكاملة تأخذ بعين الاعتبار كافة العناصر المكونة للثقافة الاجتماعية وإعادة صياغتها لتناسب الأهداف السامية التي يصبو المجتمع لتحقيقها. وتتمثل الخطوة الأولى بالبيت ففيه يتم غرس البذور الأولى للتسامح أو التعصب.
تحياتي